عادت التظاهرات إلى الأردن بعد غياب طويل استمر أشهراً، إذ تظاهر الآلاف في عمان وعدد من المحافظات أمس رفضاً لاتفاق إطار وزير الخارجية الأميركي جون كيري للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وسط مخاوف من أن يؤدي إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين على الأرض الأردنية. وجاءت التظاهرات قبل ساعات قليلة من اجتماع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مع الرئيس باراك أوباما مساء أمس، والذي تناولت أجندته تداعيات اقتراح كيري على الأردن. وانطلقت تظاهرة من أمام المسجد الحسيني وسط العاصمة عقب صلاة الجمعة شارك فيها كيانات حراكية وعشائرية، وناشطون من جماعة «الإخوان المسلمين»، وممثلون عن المخيمات الفلسطينية في المملكة. وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها: «مشروع كيري لن يمر»، و»نعم لحق العودة لا للتوطين»، و»اغضب من أجل الأردنوفلسطين»، وأخرى استنكرت ما وصفته ب «مشاريع تصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية». كما هتف المشاركون هتافات ساخنة شككت بالمواقف الرسمية للأردن والسلطة الفلسطينية. وقال اللاجئ أحمد الشماسنة الذي عرف عن نفسه بأنه من قرية قطنة - قضاء القدس: «ليشهد شجر الزيتون، عائدون عائدون»، في حين هتف محمد المجالي الذي قال إنه من مدينة الكرك الأردنية (جنوب البلاد): «هذا الأردن أردنا، ويا كيري ارحل عنا». وردد متظاهرون غاضبون هتافات أخرى مثل: «يا حكام المسلمين، بدنا نحرر فلسطين». وتلا اللواء المتقاعد من الجيش الأردني موسى الحديد، وهو ناطق باسم ملتقى شعبي دشن أخيراً للدفاع عن الأردنوفلسطين، بياناً خلال التظاهرة طالب مؤسسة الحكم الأردنية ب «التزام الموقف الشعبي الرافض لمشاريع الولاياتالمتحدة وإسرائيل». وقال إن «التعتيم على مشروع كيري وتضارب الأخبار حوله يؤكد أنه مشروع ينطوي على مؤامرة حقيقية». وجاء في البيان أن النظام الأردني «لن يكون جاداً في رفض المشاريع التصفوية والوطن البديل، وهو لا يزال معرضاً عن تحقيق الإصلاح الشامل في البلاد». وخلال التظاهرة، هاجم زكي بني أرشيد، الرجل الثاني في جماعة «الإخوان»، أبرز جماعات المعارضة في البلاد، اتفاق إطار كيري، وقال إنه «يعمل على تصفية القضية الفلسطينيةوالأردن». واللافت أن شخصيات موالية للنظام ظلت محسوبة لعقود طويلة على مؤسسة الحكم، أيدت بقوة ما جاء في بيانات ل «الإخوان» في هذا الخصوص. وتخشى شخصيات رسمية، منها رؤساء حكومات سابقون وسفراء عملوا في واشنطن وإسرائيل، أن يقبل الأردن تحت ضغوط الولاياتالمتحدة، بتوطين الفلسطينيين، ما يعني تحويل ما كان وطناً موقتاً إلى وطن دائم. وكان الملك عبد الله الثاني اكد مراراً أن بلاده تدعم أي مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، مشترطاً عدم تأثيرها في «المصالح العليا» للمملكة. كما شهدت مناطق أخرى من المملكة أمس تظاهرات مماثلة ضد اتفاق كيري، خصوصاً في الطفيلة والكرك (جنوب) وإربد وجرش (شمال). ويخشى الحكم في الأردن أن تقوم المعارضة الإسلامية القوية بانتهاز الفرصة لاستخدام اتفاق إطار كيري في تحريك المشاعر ضد الحكومة. ويحتضن الأردن أكثر من 200 ألف لاجئ عراقي و600 ألف لاجئ سوري، ونحو نصف سكانه من أصول فلسطينية يحملون الجواز الأردني والرقم الوطني، إضافة إلى مليوني فلسطيني مسجلين لدى الأممالمتحدة كلاجئين.