رغم سوء الأحوال الجوية وتساقط الأمطار، تجددت التظاهرات امس في الأردن احتجاجاً على قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات، وشهدت العاصمة الأردنية ومدن المملكة المختلفة تظاهرات شارك فيها الآلاف، وتخللها إحراق محتجين بطاقاتهم الانتخابية. وفي عمان، شارك نحو ألفي متظاهر، بينهم إسلاميون ويساريون ومجموعات شبابية، في تظاهرة انطلقت وسط المدينة، ونددت برفع الأسعار وطالبت بإصلاحات سياسية واقتصادية، كما رفعت شعارات طاولت مؤسسات سيادية في البلاد. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «اللعب بالأسعار يعني اللعب بالنار»، و»لا إصلاح إلا بتغيير النهج السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد»، و»تعيش انتفاضة الشعب الأردني العظيم». وهتف هؤلاء «لوح بيدك لوح لوح هالحكومة لازم تروح»، و»جينا نطالب بالإصلاح، هالشعب بدو يرتاح»، كما سمع من الهتافات «سمعلي المخابرات... الذهبي سرق المليارات»، في إشارة إلى مدير المخابرات السابق محمد الذهبي الذي حكم عليه أخيراً بالسجن 13 عاماً وغُرِّم نحو 30 مليون دولار بتهم الاختلاس واستغلال الوظيفة العامة. وانتهت التظاهرة سلمياً وسط وجود كثيف لرجال الأمن وتجمع مقابل ضم عشرات الموالين للحكومة الذين أيدوا قراراتها وهتفوا ضد المعارضة وجماعة «الإخوان المسلمين» التي اتهموها ب «العمالة» لإيران وإسرائيل. وأكدت الحكومة في مناسبات عدة أنها لن تتراجع عن قرار رفع الأسعار، معتبرة أن التراجع عنه «يتسبب بانتكاسة للاقتصاد الأردني». في موازاة ذلك، خرجت تظاهرات حاشدة في معان والطفيلة والكرك (جنوب)، والمفرق والزرقاء (شرق)، والسلط (وسط) وعجلون وجرش وإربد (شمال). وفي محافظتي مأدبا (وسط) والعقبة (جنوب)، وحالت قوات الدرك دون وقوع اشتباك بين تظاهرات للمعارضة وأخرى مناوئة لها. يأتي ذلك فيما وضعت الحراكات الشبابية والشعبية أمس مسودة برنامج سياسي وشعبي جديد يسعى إلى «مأسسة» ما أطلقت عليه هذه الحراكات «هبة تشرين»، في إشارة إلى الاحتجاجات التي شهدتها البلاد عقب رفع أسعار في 13 الشهر الجاري. وجاء في المسودة التي وصلت «الحياة» نسخة منها أن «هبة تشرين ليست ملكاً لأحد، وأنها حلقة في مشروع الحراك الشعبي الوطني الساعي لدولة مدنية ديموقراطية يكون فيها الشعب مصدر السلطات». وكان لافتاً أن المسودة التي حملت الرقم (1) خاطبت مؤسسات رمزية في البلاد ووضعتها بين خيارين: «إما أن توفر الدروع لحماية الفاسدين أو تنحاز إلى الشعب». واندلعت الأسبوع الماضي احتجاجات واسعة بعد رفع أسعار مشتقات نفطية بنسب وصلت إلى 53 في المئة لمواجهة عجز الموازنة الذي يقارب 21 بليون دولار. وأدت أعمال شغب رافقت تلك الاحتجاجات إلى مقتل شخصين وإصابة 71 آخرين، بينهم رجال أمن، فيما اعتقل نحو 300 شخص بتهم تقويض نظام الحكم. وأدى رفع أسعار المحروقات إلى رفع أجور وسائط النقل العام بين 9 و11 في المئة. وقالت الحكومة إنها ستعوض الأسر التي لا يتجاوز دخلها السنوي 10 آلاف دينار (نحو 14 ألف دولار) مبلغ 420 ديناراً على مدار السنة (نحو 592 دولاراً).