لم تعد الأخطاء الطبية وحدها الهاجس المخيف بالنسبة للمرضى، إذ أصبح انتهاك حقوقهم أمراً سهلاً من ضعاف النفوس في عصر التكنولوجيا وتزامنه مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي. «مريضة مسنة» وعلى سريرها الأبيض ترقد، وبين يدي رحمة خالقها تتوسل، لم تسلم من عبث البعض، إذ سولت لهم أنفسهم بتصويرها ونشر قصة حياتها الشخصية، محاولة منهم في عرض نسخة من شرائح المجتمع بطريقة استغلالية، من جانب ضعفها وقلة حيلتها. لقي مقطع «المريضة المسنة» الذي تم تداوله في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية استياء كبيراً لدى المجتمع السعودي بشكل عام والمجتمع المديني بشكل خاص، إذ تحدثت «المسنة» من على سريرها الذي ترقده بمستشفى الملك فهد بالمدينةالمنورة بحرقة عن وضعها الصحي والاجتماعي، وعن عزوف أبنائها عن زيارتها، متسائلة عنهم بعد أن أوضحت أنها لم ترهم منذ أن أدخلوها إلى المستشفى. وبما أن المقطع انتهك حقوقاً إنسانية، استدعى الأمر إلى تدخل سريع من الشؤون الصحية بالمدينة وجمعية حقوق الإنسان، إذ أصدرت المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة المدينةالمنورة بياناً صحافياً أمس، على لسان مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بصحة المدينةالمنورة عبدالرزاق حافظ، موضحاً فيه أن ما تم تداوله عبر المواقع الإلكترونية يخص مريضة مسنة تعاني من آلام في المفاصل، وأدخلت إلى مستشفى الملك فهد من طريق ابن أخيها، وتم إجراء العلاج اللازم لها منذ شهر محرم الماضي. وأضاف: «ضعاف النفوس والذين نزعت منهم الرحمة وغابت عنهم الأخلاق الإنسانية، انتهكوا حق هذه المريضة وتصويرها وهي على السرير الأبيض دون أن يراعوا أنظمة الدولة والتي تنص على أخذ الموافقة من إدارة المستشفى والمريض وخصوصاً في هذه الحالة، كون المريضة أنثى، إضافة إلى اتهامهم لذوي المريضة بالإهمال وتركهم لها دون السؤال عنها ولمدة طويلة». وبين حافظ أن من ارتكب هذا العمل كان يهدف إلى فبركة إعلامية، ليس لها أي مدلول في رأيه سوى أنه عمل مشين يدل تمام الدلالة على البعد الديني والأخلاقي، مضيفاً: «للإيضاح أن هذه المريضة هي أرملة وتعاني من آلام في المفاصل، وأدخلت المستشفى من طريق ابن أخيها وتم إجراء العلاج اللازم لها، وهي تتمتع الآن بصحة جيدة ومن المقرر إحالتها للشؤون الاجتماعية». وأكد أنه تم تصعيد الموضوع للجهات المختصة لمحاسبة المتسبب وذلك من منطلق حرص صحة المدينةالمنورة على سرية المرضى وحفظ حقوقهم. من جهتها، ومن جانب إنساني تدخلت جمعية حقوق الإنسان بالمدينةالمنورة، مستاءة من تداول المقطع، إذ أوضحت المشرفة على مكتب جمعية حقوق الإنسان في المدينةالمنورة الدكتورة شرف القرافي في بيان صحافي أمس، أن المكتب شرع في تقصي حقائق المقطع الذي تم تداوله أخيراً، عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن المرأة المسنة المنومة في مستشفى الملك فهد. وقالت إنه تم التنسيق مع منسق الشؤون الصحية في المدينةالمنورة لجمع المعلومات اللازمة عن الحالة لاتخاذ الإجراءات اللازمة سواء مع أسرة المرأة أم مع الجهات ذات الاختصاص لإيواء الحالة إذا لم يكن لها أقارب. وأشارت القرافي إلى أن مكتب الجمعية في المدينةالمنورة يناشد بعدم تداول المقطع حفاظاً على حقوق المريضة.