أعطى الكونغرس الأميركي رسمياً للحكومة، الضوء الأخضر للاستدانة من دون سقف محدد حتى آذار (مارس) عام 2015. وبذلك بدّد أخطار وصول الولاياتالمتحدة إلى حال تخلّف عن تسديد التزاماتها هذه السنة، في حلّ سريع لملف يثير قلق واشنطن منذ ثلاث سنوات. وشكل تصويت مجلس النواب الثلثاء الماضي ثم مجلس الشيوخ أول من أمس، «انتصاراً سياسياً للرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يأمل في ألّا تشكل استحقاقات الدَّيْن المستقبلية مناسبة لصراع قوة وابتزاز»، على ما يقول الديمقراطيون، بين الرئيس والمعارضة البرلمانية. وقال أوباما في بيان: «أنا مسرور لأن الجمهوريين والديموقراطيين اتفقوا على دفع ما أنفقناه، ولاستبعاد التهديد بتخلف عن التسديد كان يواجهه اقتصادنا». ولفت إلى أن «دَيْن الولاياتالمتحدة مسألة مهمة جداً، ولا يجب استخدامها كوسيلة ابتزاز». ودعا إلى «تحرك جديد لخلق وظائف وتحسين الاقتصاد». واعتبر السيناتور الجمهوري بوب كوركر المعارض لزيادة سقف الدين من دون حدود، والرافض أيضاً المشاركة في محاولة عرقلة العمل، أن «ما يجب القيام به حصل، وفي النهاية لم يكن يتوافر حلّ آخر». وقال: «كان يمكن خلق فوضى في هذا البلد لمدة أسبوعين أو وضع هذا التصويت خلفنا». وعملياً قرر الكونغرس ألا يُطبّق سقف الدين حتى 15 آذار عام 2015، بالتالي يمكن وزارة الخزانة الاستدانة مقدار ما تشاء، وتجاوز الحد المشروع للدّيْن والبالغ حالياً 17.211 بليون دولار، حتى ذلك التاريخ. وفي 16 آذار، سيُعاد العمل بسقف الدين على مستوى المديونية الذي سيبلغه في ذلك التاريخ. وهذا ما حصل في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وشباط (فبراير)، إذ رُفع سقف الدين بحدود 3 في المئة. وتبنّى مجلس الشيوخ الذي يضم غالبية من الديموقراطيين، ب55 صوتاً في مقابل 43، النص الذي تبناه أول من أمس، بفارق بسيط عن مجلس النواب حيث الغالبية من الجمهوريين. وسمح قادة الجمهوريين في مجلس النواب للكونغرس بتبني هذا النص، بعدما طالبوا الثلثاء الماضي بمقابل سياسي. ورأوا أن ميزان القوة لم يكن في مصلحتهم، لأن البيت الأبيض ومجلس الشيوخ رفضا التفاوض معهم. ورضخ رئيس مجلس النواب جون باينر أخيراً وفي شكل مفاجئ الثلثاء الماضي، وتخلى عن مواجهة مع البيت الأبيض. ومنذ دخوله المجلس عام 2011 حاول استخدام استحقاقات سقف الدين لخدمة مصالح الجمهوريين. وبالتالي أتاح تبني مجلس النواب النص الذي صوّت عليه خصوصاً الديمقراطيين، لأن حوالى 90 في المئة من الجمهوريين صوتوا ضده. وكان تكتيك صراع القوة أتاح للمحافظين الحصول على خفوضات كبيرة في النفقات العامة في صيف 2011، لكن على حساب تزعزع ثقة الأسواق المالية وتراجع تصنيف أميركا من جانب «وكالة ستاندرد أند بورز». ومنذ ذلك الحين، تعهد أوباما بعدم التفاوض حول سقف الدين. وبعد أسبوعين من حوار لم يؤدِّ إلى نتيجة في تشرين الأول الماضي، فشل الجمهوريون في فرض شروطهم. ويظهر التصويت أول من أمس تراجع نفوذ المحافظين المتشددين وحزب الشاي، المعارضين بشدة لأي رفع لسقف الدين، من دون إجراءات لخفض العجز. وأكد زعماء الجمهوريين في الكونغرس، أن «الوقت الآن هو للمعارضة البناءة وليس العرقلة، وتبلور ذلك في كانون الأول عبر اعتماد موازنة عام 2014 - 2015. وكانت وزارة الخزانة طلبت من الكونغرس التصويت على إذنٍ جديد بالاستدانة بحلول 27 شباط الحالي، إذ كانت الولاياتالمتحدة ستجد نفسها بعد هذا التاريخ، في تخلف جزئي عن تسديد التزاماتها المالية. إلى ذلك، سجلت موازنة الولاياتالمتحدة عجزاً يقل عن التوقعات في كانون الثاني (يناير) الماضي، في دلالة على أن ازدياد قوة الاقتصاد «يساعد خزائن الحكومة من خلال ارتفاع إيرادات الضرائب». وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية أول من أمس في بيان شهري، أن الحكومة الاتحادية «سجلت عجزاً بلغ 10.4 بليون دولار الشهر الماضي. وكان محللون توقعوا في استطلاع أجرته وكالة «رويترز»، عجزاً قيمته 27.5 بليون دولار. وأفادت الوزارة بأن النفقات في كانون الثاني بلغت 306 بلايين دولار في كانون الثاني الماضي، في مقابل 269 بليوناً في الشهر ذاته من العام الماضي. في حين حققت الإيرادات 296 بليون دولار في مقابل 272 بليوناً. وأشارت إلى أن العجز في الموازنة منذ مطلع السنة المالية 2014، أي في الأول من تشرين الأول الماضي، بلغ 184 بليون دولار في مقابل 290 بليوناً في الفترة ذاتها من السنة المالية 2013.