في أروقة استوديو الخدع البصرية في لندن الذي صوِّرت فيه مشاهد الفضاء في فيلم «غرافيتي» بفضل تقنياته العالية، يعكف الخبراء على تصميم حيل أبسط، بواسطة قطعة من الجبن وبعض الشراب. وباتت لندن محل جذب متزايد للإنتاجات السينمائية الهوليوودية لإتمام الخدع البصرية فيها، على غرار فيلم «غرافيتي» لالفونسو كوارون، أحد أقوى المرشحين لجائزة أوسكار. ويقول ريتشارد غراهام المسؤول عن الحيل البصرية في استوديو «فريم ستور» الذي أنجز مؤثرات الفيلم: «نعمل الآن على تصميم خدعة بصرية تظهر جلداً يحترق، لنستخدمها في الفيلم المقبل مع توم كروز». ويضيف: «شراب السكر الأسمر والشوكولا يشبه الدم، وهو يصبح مقنعاً أكثر إذا أضيفت إليه ملوّنات حمراء... نحرق قطعاً من أنواع مختلفة من الجبن حتى تصبح كالرغوة، ثم تصور. بعد ذلك، تلصق الصورة بفضل التقنيات الرقمية على وجه الممثل، لتظهر النتيجة في مشهد من فيلم «إند أوف تومورو». ويعمل ريتشارد غراهام وفريقه يومياً على ابتكار الحيل البصرية وتطوريها، ويقول إن الديكور الفضائي الذي أظهروه في فيلم «غرافيتي» تطلب منهم ثلاث سنوات من العمل. فقد استغرق العمل على محاكاة محطة الفضاء الدولية وحدها سنة بكاملها بعد ذلك، بذل الفريق جهوداً مضنية لإيجاد طريقة لجعل المحطة تنفجر، بما يتلاءم مع أحداث الفيلم. ويذكر تيم ويبر الذي أشرف على تصميم الخدع البصرية للفيلم، أنه خرج منهكاً من اجتماعه الأول مع المخرج الفونسو كوارون. ويقول: «كانت هناك أشياء كثيرة مختلفة في هذا الفيلم مقارنة مع ما نفذناه من قبل». ويضيف: «إن الدور الكبير للخدع البصرية غير كل شيء في عملية الإخراج». واضطر الممثلان ساندرا بولوك وجورج كلوني للبقاء ساعات معلقين على أسلاك في استوديوات «شيبيرتون»، غرب لندن، أو عالقين في قفص مع مليوني مصباح ضوئي صغير. ويشرح ويبر كيف استخدمت حيل بدائية في تصوير مشاهد من غرافيتي، منها مشاهد ارتطام ساندرا بولوك بجدران محطة الفضاء الدولية التي تبدو ردود فعل الممثلة فيها طبيعية وكأن رأسها يصطدم فعلاً بشيء جامد، ويقول: «طلبنا من أحدهم أن يضربها على رأسها بعصا مكنسة». بلغ عدد الفريق الذي عمل على الخدع البصرية الفضائية 500 شخص، منهم كثيرون أمضوا ساعات طويلة في مشاهدة المقاطع المصورة التي تبثها وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، للتوصل إلى محاكاة دقيقة لحالة انعدام الجاذبية. أما في مشاهد أخرى، فإن قوة الخيال كانت هي الأساس. في معظم المشاهد، كان الشيء الحقيقي الوحيد هو وجوه الممثلين، أما المركبات الفضائية والنجوم وبزات رواد الفضاء فإنها من تصميم أجهزة الكومبيوتر في الاستوديو اللندني. ويتباهى أدريان ووتون مدير وكالة «فيلم لندن» العامة بهذا المستوى الذي حققته العاصمة البريطانية في مجال صناعة الأفلام. ويقول: «قد يظن المرء أن الفيلم نفذ في لوس أنجليس، لكن في الحقيقة هو فيلم نفذ كاملاً في لندن، إنها دعاية رائعة لنا». ويضيف: «كل هذا بدأ في عام 2000، مع هاري بوتر، إذ تعاونت شركات الإنتاج اللندنية على تصميم المؤثرات البصرية، وهكذا بدأت لندن تبني شهرتها في هذا المجال».