بات مصير الرئيس المصري السابق حسني مبارك وابنيه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي وصديقه رجل الأعمال الفار حسين سالم في عهدة محكمة النقض، بعدما أمر النائب العام بالبدء في إجراءات الطعن على إسقاط اتهامات قتل المتظاهرين والفساد عنهم في ما عرف ب «قضية القرن». وتواصلت أمس التظاهرات الرافضة لحكم إسقاط التهم الذي صدر السبت الماضي. لكنها تركزت في الجامعات، ولم يظهر أي أثر لدعوات أطلقها «تحالف دعم الشرعية» المؤيد للرئيس السابق محمد مرسي للتظاهر في الشوارع والميادين الرئيسة. وكان النائب العام هشام بركات أصدر قراراً باتخاذ إجراءات الطعن أمام محكمة النقض على الأحكام التي أصدرتها محكمة جنايات القاهرة بحق مبارك ورجاله، «في ضوء ما كشفت عنه عملية دراسة وفحص حيثيات (أسباب) تلك الأحكام». وأوضح بيان للنائب العام أنه «عرض نتائج تلك الدراسة التي اضطلع بها فريق موسع من أعضاء المكتب الفني للنائب العام، في الاتهامات المتعلقة بالاشتراك في قتل والشروع في قتل المتظاهرين عمداً، وتربيح سالم بغير حق والإضرار بأموال ومصالح قطاع البترول في صفقة تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل، وقبول آل مبارك لرشوة، وأمر بالطعن على الحكم وإعداد مذكرة الأسباب فوراً وعرضها عليه لإيداعها محكمة النقض». وأمام محكمة النقض التي تمثل أعلى سلطة قضائية في مصر خياران، فإما أن تقبل الطعن وتباشر بنفسها إجراءات إعادة محاكمة المتهمين، وإما أن ترفض تلك الطعون لتصبح الأحكام نهائية، وبالتالي سيخرج مبارك من سجنه، حين يتم خصم فترة الحبس الاحتياطي التي قضاها، من مدة عقوبة السجن 3 سنوات التي أصدرتها محكمة في حقه في قضية فساد واختلاس موازنة قصور الرئاسة، وهو الإجراء نفسه الذي سيتبع مع ابنيه (علاء وجمال) لكنهما سيستمران في السجن بضعة شهور لإكمال مدة حكمهما البالغة 4 سنوات، إضافة إلى العادلي الذي يقضي عقوبة السجن 5 سنوات في قضية «سخرة المجندين». وواصل طلاب في جامعات تنظيم تظاهرات رافضة لتبرئة مبارك ورجال نظامه، وسط تشديدات أمنية في محيط الكليات. وكان أبرز تلك التظاهرات داخل كلية الهندسة في جامعة الإسكندرية حيث أقام طلاب محاكمة شعبية داخل ساحتها لمبارك والعادلي ومعاونيه، وحكموا عليهم جميعاً بالإعدام. وردد طلاب هتافات تطالب بالقصاص العادل ومحاكمة المتورطين في قتل المتظاهرين السلميين، فيما كثفت قوات الأمن من وجودها أمام الكلية تحسباً لاندلاع أعمال عنف. وفضت قوات الأمن تظاهرة لطالبات في جامعة الأزهر في القاهرة، فيما استمرت الدراسة في معظم كليات الجامعة وسط إجراءات أمنية مشددة. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن مصادر أمنية في جامعة الأزهر أن الطالبات «تجمعن أمام كليات الهندسة والدراسات الإنسانية والتجارة ورددن هتافات معادية للأمن ومنددة بحكم البراءة لمبارك والعادلي ومعاونيه ورفعن شعار رابعة». وأضافت أن طالبات «أطلقن الألعاب النارية على قوات الأمن، ما استدعى التدخل السريع لفض التظاهرة». وفرضت قوات الأمن في جامعة أسيوط طوقاً حول بوابات الجامعة لمنع طلاب تظاهروا ضد الأحكام من الخروج إلى الشارع وتعطيل حركة المرور. وفرق أفراد الأمن الإداري في جامعة أسيوط تظاهرة الطلاب وسط حال من الكر والفر بين الطلاب والأمن. وقال رئيس الحكومة إبراهيم محلب إن «هناك اعتراضات واضحة من بعض القوى على حكم براءة الرئيس الأسبق، لكن لا تعليق على أحكام القضاء، والنائب العام هو محامي الشعب، وهو من أصدر بياناً بالطعن على الحكم». وأضاف في مؤتمر صحافي أعقب اجتماعاً حكومياً أن «بعضهم يصر على هدم الدولة، وهناك دعوات إلى التظاهر واحتلال ميدان التحرير، وهو أمر مرفوض تماماً... من يحاول تهديد كيان الدولة ومقدراتها فهو خارج على الوطنية». وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية نقلت عن مصدر في الأمانة الفنية للجنة الإصلاح التشريعي أن اللجنة تعكف حالياً على تعديل المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية «استجابة لتوجيهات رئيس الجمهورية أمس بدرسة التعديلات التشريعية على هذا القانون». وأضاف أن هذه المادة تتعلق بأمد انقضاء الدعاوى الجنائية المحدد بعشر سنوات «من يوم وقوع الجريمة»، مشيراً إلى أن التعديلات الجديدة تنص على أن «يبدأ أمد انقضاء الدعاوى الجنائية من تاريخ ترك الموظف العام لمنصبه وليس من تاريخ وقوعها». وأوضح المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي أن ما طلبه تحالف «التيار الديموقراطي» في بيان أصدر أول من أمس من تفعيل لقانون الغدر وحماية الثورة «لا يعبر عن أي مطلب باتخاذ أي إجراءات استثنائية وإنما يعبر عن حرص على احترام وتفعيل القانون، لأن هذين القانونين جزء من منظومة القوانين المصرية، والموقف القاطع ضد نظام مبارك ليس تدخلاً في أحكام القضاء». وشدد على أن «الدعوة إلى وحدة القوى المؤمنة بالثورة لا تتسع على أي نحو للالتقاء مع جماعة الإخوان التي أسقط الشعب حكمها والتي تنتهج العنف الذي يدينه التيار الديموقراطي».