يوم الأربعاء الماضي تابع العالم شاشات التلفزيون، وتجمع جمهور كبير حول برج خليفة وسط مدينة دبي يشاهد على شاشة عرضٍ كبيرة نتائج المسابقة. شخصت الأبصار تتابع على مدى أربع ساعات نتائج مكتب المعرض الدولي العالمي في باريس، إذ اجتمع 168 سفير دولة، كي يختاروا المدينة الفائزة باستضافة معرض إكسبو 2020 في عملية معقدة وطويلة على مدار ثلاث جولات. وما أن انطلقت المسابقة حتى كانت دبي تتقدم المدن الأربع بفوارق هائلة ونسبة نجاح كبيرة، ففي الجولة الأولى حصدت 45 في المئة من الأصوات، ثم انتهت في الجولة الثالثة ب77 في المئة، في مقابل 29 في المئة للمدينة الروسية، وهو ما يعني فوزاً ساحقاً. من نافذتي استطعت سماع الصيحات التي انطلقت من بطون بيوت دبي فرحاً، والناس من قناة «دبي» تهنئ باللغتين العربية والإنكليزية من كل الجنسيات هذه المدينة المجتهدة التي فازت. استعدّت دبي لكلتا الحالتين: فوزها وخسارتها، فتحزمت بألعابها النارية من برج خليفة وفي الساحات في حال فوزها، وفي حال خسارتها تجهزت بأخلاق الفروسية بخطاب تهنئ فيه الفائز إن كان غير دبي. لكنني كنت أقرأ في الوجوه التي تعمل مثل النحل منذ بدأت الترشح أنها واثقة من الفوز وتصرّ عليه، مثل تلميذ ذاكر جيداً وشعر بأن التوفيق حليفه. فازت دبي في الحصول على معرض إكسبو عام 2020، ومنذ اليوم وحتى سبعة أعوام مقبلة ستعيش دبي ما سمّته «إكسبو لايف»، أي (حياة إكسبو) الذي ستعمل من خلاله على إشاعة الوعي الثقافي، من أجل الاستفادة من فرص إقامة هذا المعرض الذي سيبدأ في تشرين الأول (أكتوبر) 2020 حتى نيسان (أبريل)، وهو الوقت الذي يكون فيه الطقس في أجمل حالاته. حتى 2020 سيكون الخط الأحمر من مترو دبي وصل إلى أرض المعارض، كي يتمكن الجميع من الوصول إلى معرض إكسبو من خلال المترو، فأشهر ما تميزت به دبي في ملفها الذي تقدمت به للمسابقة هو حصول الإمارات على المركز الأول عالمياً في جودة الطرق، وفقاً لتقرير منتدى الاقتصاد العالمي (دافوس) لعام 2013-2014، كما احتلت المرتبة الأولى إقليمياً وال11 عالمياً في مجال جودة البنية التحتية لوسائل النقل، وفقاً للتقرير العالمي لتمكين التجارة 2012 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا. دبي سعيدة بحصولها على هذه الفرصة، فعلى مدى تاريخ تنظيم معارض إكسبو الدولية منذ 150 عاماً لم تتم استضافة أي منها من قبلُ في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرقي آسيا. دبي سعيدة بالفوز الذي منحها فرصاً تجارية وثقافية واقتصادية، إذ تتوقع أن تصل العائدات المالية لدبي من استضافة «إكسبو 2020» إلى أكثر من 139 بليون درهم (نحو 28,8 بليون يورو)، كما سيسهم هذا المعرض في خلق نحو 280 ألف فرصة عمل في الإمارات، ويحافظ على استدامة 1.4 مليون وظيفة إقليمياً في الفترة من 2013 إلى 2021، كما سيوفر فرص عمل لمن يقطنون خارج الإمارات العربية المتحدة، وهو ما يؤدي إلى نمو المنطقة بسواعد شابة ونشيطة. ستتيح استضافة «معرض إكسبو الدولي 2020» في دبي لزواره سهولة أكبر في الوصول إليه من مختلف أنحاء العالم، كما سيشكل فرصة مهمة للشباب في الإمارات والمنطقة عموماً لتبادل الآراء والتعلم من الآخرين والمساعدة في بلورة مستقبلهم المشترك. وتتوقع دبي أن يستقطب المعرض 25 مليون زائر على مدار ستة أشهر، وسيكون حوالى 70 في المئة منهم قادمين لزيارته من خارج الإمارات. دبي تستحق الفوز، فقد أنفقت حكومتها في الأعوام الستة الماضية أكثر من 70 بليون درهم لتطوير بناها التحتية عالمية المستوى في قطاع الطرق والمواصلات، وخصصت 100 مليون يورو لمساندة مشاريع «إكسبو لايف» المختلفة، التي بإمكانها توفير حلول جديدة للتنقل والاستدامة والفرص، وسيكون التقديم متاحاً للجميع من كل البلدان. وتستحوذ دبي على 80 في المئة من المعارض المقامة في المنطقة التي تشمل المنطقة العربية والخليج وبعض المناطق في آسيا. دبي اجتهدتْ ولكل مجتهد نصيب. [email protected]