تلقت الأوساط السياسية والقضائية في ليبيا صدمة كبيرة، بنبأ اغتيال النائب العام السابق عبد العزيز الحصادي برصاص مجموعة مسلحة كمنت له في مسقط رأسه في مدينة درنة (شرق) مساء السبت. ولم تسفر التحقيقات الأولية في الجريمة عن الكشف عن ملابساتها، فيما أقيمت للحصادي جنازة مهيبة في درنة امس، شارك فيها عدد كبير من فاعليات المدينة وأعيان، فيما اجمعت الأوساط السياسية والشعبية على سجل الراحل ك «قاض نزيه». وفي بيان اصدرته امس، نعت المحكمة العليا الحصادي واعتبرته «فقيد العدالة وشهيد الحق والواجب». وأفادت التحقيقات الأولية، بأن مجموعة من 15 مسلحاً ملثمين كانوا يستقلون خمس سيارات، نصبوا مكمناً للحصادي، وأطلق احدهم طلقتين من مسدس حربي على رأس المغدور فأرداه قتيلاً. ونجح المسلحون في الفرار من موقع الجريمة والتواري عن الأنظار. وفي وقت اجمع مراقبون على وجود خلفيات سياسية وراء الجريمة مشيرين الى ان منفذيها محترفون، رُبطت عملية الاغتيال بما اشرف عليه الحصادي من ملفات حساسة خلال ولايته على رأس الادعاء العام في عهد المجلس الانتقالي السابق برئاسة مصطفى عبد الجليل الذي كانت تربطه صداقة قوية بالراحل. ويذكر ان للحصادي، ابن عم يدعى عبد الحكيم معروف بانتمائه الى تنظيم «القاعدة». ورأس القاضي الراحل محاكم ليبية عدة لأكثر من عقدين، وانضم الى ثورة «17 فبراير» التي أطاحت العقيد معمر القذافي. وتولى الحصادي التحقيق في قضايا سياسية ضد عدد من رموز نظام القذافي، إلى جانب التحقيق في الاستثمارات والأموال الليبية في الخارج . وتولى اعداد ملفات ضد رموز النظام السابق وقام بالاتصال مع السلطات المصرية عام 2012 لتقديم مذكرات جلب بحق عدد منهم. وعقد الحصادي اجتماعات في هذا الشأن مع النائب العام المصري، خلال حكم المجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد سقوط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك. وقدم الحصادي استقالته إلى المجلس الأعلى للقضاء في 15 آذار (مارس) 2013 لأسباب قال انها تتعلق بوضعه الصحي. وتزامنت جريمة اغتيال الحصادي مع سلسلة تفجيرات واعتداءات وقعت في مدينة بنغازي ليل السبت - الأحد. وأقدم مسلحون مجهولون على اغتيال ضابط الصف في الجيش الليبي وليد المنفي خلال أدائه واجبه. على صعيد آخر، استمرت التجاذبات السياسية على خلفية التمديد للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) الموقت بموجب «خريطة طريق» للمرحلة الانتقالية، اعتمدها المجلس الأسبوع الماضي. وفي وقت يتوقع ان ينظم المؤيدون للتمديد تظاهرات في عدد من المدن الليبية اليوم، بعد تظاهرات مناهضة للتمديد شهدتها البلاد يوم الجمعة الماضي، ساد سجال حول جدية استقالات عدد من اعضاء البرلمان تجاوباً مع الحملة المناهضة للتمديد، فيما بدا ان المؤتمر حسم امره في رفض اقتراحات تقضي بطرح موضوع التمديد و»خريطة الطريقة» المعتمدة، على استفتاء شعبي بالتزامن مع انتخابات مقررة في 20 الشهر الجاري، لاختيار اعضاء «لجنة الستين» الملكفة صياغة دستور جديد للبلاد. وقال رئيس المؤتمر نوري بو سهمين امس: «لم نستلم أي استقالة مكتوبة من الاستقالات التي نشرت الأنباء عنها عبر الإعلام»، فيما اشار الناطق باسم المؤتمر عمر حميدان الى ان الأعضاء الذين أعلنوا استقالاتهم، لم يحضروا جلسة امس، وبالتالي لم يقدموها بشكل رسمي الى رئاسة المؤتمر. وأكد أعضاء في المؤتمر ان الجلسة تم خلالها استعراض الحراك الشعبي الداعي إلى رحيل المؤتمر المنتهية ولايته في 7 الشهر الجاري. وقال ل «الحياة» علي بن سليم، أكبر أعضاء المجلس سناً، انه تم التوصل خلال الجلسة الى «اتفاق على احترام هذا الحراك الذي اتسم بطابع حضاري سلمي»، وأشار الى تشكيل «مجموعة لجان لتمهيد كل الطرق أمام لجنة الستين، لتفعيل الوثيقة الدستورية الخاصة بإجراء انتخابات مبكرة في حالة عدم انجاز لجنة صياغة الدستور مهماتها في الموعد المحدد في «خريطة الطريق» أي نهاية أيار (مايو) المقبل. كذلك أبلغ «الحياة» عضو المؤتمر احمد بوني ان الجلسة لم تتطرق الى موضوع طرح «خريطة الطريق» في استفتاء. وقال: «لم تناقش هذه المسألة على الإطلاق».