أكد خبراء واقتصاديون أن خيارات رفع الدعم، أو خفضه، عن السلع الاستهلاكية، خصوصاً الوقود، محدودة، وتبقى المسألة معلّقة باكتمال شبكة النقل العام التي كرست لها المملكة موازنات ضخمة. بيد أنهم حذروا من أن استمرار دعم المواد الأساسية يغري المواطنين والمقيمين بكثرة الاستهلاك، خصوصاً بالنسبة إلى الوقود والكهرباء اللذين يستهلكان أموالاً حكومية طائلة. وأجمعوا على التكهن بتطبيق فكرة بطاقات لتحديد الاستهلاك. (للمزيد) وقالوا إن أسعار الطاقة في المملكة هي الأرخص عالمياً بسبب الدعم الحكومي، وفيما أكدوا أهمية الدعم لرفاهية المواطنين، حذروا من مخاطره المتمثلة في شموله الفقراء والأغنياء على حد سواء. واعتبر الاقتصاديون الذين تحدثت إليهم «الحياة» أن الدعم الحكومي للسلع الأساسية، باستثناء قطاع الطاقة، لا يشكل أمراً يذكر أمام الدعم المقدم للوقود والكهرباء، مبينين صعوبة تقليصه في قطاع الوقود في ظل عدم اكتمال شبكة النقل العام في المملكة. وذكروا أن المخاوف من تنامي الاستهلاك المحلي على حساب التصدير سيدفع الحكومة إلى الاستعجال في تنفيذ البنية التحتية لشبكة القطارات والحافلات بين المدن وداخلها، وسيتبع ذلك بعض الإجراءات التي من بينها «بطاقة المستهلك». وأوضحوا أن حجم الدعم السنوي المتوقع لقطاع الطاقة في المملكة خلال العام الحالي يتجاوز 300 بليون ريال، وفق أرقام الوكالة الدولية للطاقة، التي تقول إن استهلاك الفرد في السعودية للنفط يبلغ 35 برميلاً سنوياً، بما يعادل 13125 ريالاً (3500 دولار)، «وهو رقم كبير جداً مقارنة بحجم الاستهلاك العالمي». وذكروا أنه على رغم هذه الأرقام الكبيرة إلا أن خيارات رفع الدعم أو خفضه محدودة في ظل الوضع الراهن. وأشار نائب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة في مجلس الشورى الدكتور فهد بن جمعة، إلى وجود خيارات عدة متاحة أمام الدعم الحكومي، مؤكداً أنه يختلف من قطاع إلى آخر ومن نوع إلى آخر، كما أن أهداف الحكومة من الدعم تتعدى الجوانب الاقتصادية إلى جوانب اجتماعية، فهي عندما تصدر نظاماً عاماً لا تصدره لفئة معينة من المجتمع، في إشارة إلى التفريق بين الغني والفقير أو المواطن والمقيم. وحذّر مختصان من أن الدعم المفتوح للسلع الاستهلاكية له الكثير من المخاطر والسلبيات على سلوك أفراد المجتمع، إضافة إلى تأثيره السلبي في الاقتصاد على المدى البعيد، مشيرين إلى أن أفضل طرق محاربة عمليات تهريب السلع المدعومة تتمثل في رفع الدعم بشكل تدريجي، وحصر أعداد ذوي الدخول الضعيفة والفقراء من طريق الضمان الاجتماعي، وصرف إعانات لهم من خلال بطاقات استهلاكية تستخدم في شراء السلع الاستهلاكية. وحدد المختصان عدداً من سلبيات الدعم المفتوح والمطلق للسلع الاستهلاكية، أهمها الإسراف في استخدام السلع وبكميات أكبر من حاجة الفرد، وتهريب السلع المدعوة لدول الجوار. وقال عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالعزيز طاهر إن الهدف الرئيسي من دعم السلع هو تخفيف العبء على المواطن، وهذا الدعم يستفيد منه الغني والفقير، مشيراً إلى أن دعم سلع معينة يؤدي إلى الإسراف في استخدامها، وهذا يُعد هدراً لموارد الدولة الاقتصادية. ولفت إلى أن المشكلة الأكبر التي تعاني منها السعودية تكمن في تهريب السلع النفطية المدعومة إلى دول الجوار.