تواصلت المواجهات بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة على جبهات القتال المختلفة، لا سيما في محافظة درعا الجنوبية حيث يحاول النظام التقدم في منطقة الشيخ مسكين التي تقع على طريق تربط مدينة درعا بدمشق، وكذلك في محافظة حلب الشمالية حيث نجح مقاتلو المعارضة في كسر الطوق الذي حاول النظام فرضه حول مدينة حلب. وفيما تواصلت حملة النظام على مدينة داريا جنوب العاصمة وسط مزاعم ب «بُعد طائفي» للهجوم الجديد، اتهم مسؤول سوري كبير المعارضة باستخدام غاز الكلورين كسلاح في الحرب. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن فيصل مقداد، نائب وزير الخارجية السوري، نفيه أمس أن تكون حكومته استخدمت مطلقاً أسلحة كيماوية أو غاز الكلورين خلال الحرب الدائرة في سورية، محذّراً من أن مجموعات إرهابية هي من يستخدم هذا النوع من السلاح. واعتبرت الوكالة أن كلام مقداد أمام منظمة حظر الاسلحة الكيماوية في لاهاي، الإثنين، يكشف ما يمكن أن يمثّل «التحديد الجديد المقبل» الذي تواجهه هذه المنظمة بعد اقترابها من الانتهاء من التدمير الكامل لمخزون الحكومة السورية من غازات الأعصاب والغازات السامة. وقال مقداد أمام المنظمة الدولية أمس إن مجموعات إرهابية «استخدمت غاز الكلورين في مناطق عدة من سورية والعراق». ويُعتقد على نطاق واسع أن حكومة الرئيس بشار الأسد استخدمت أسلحة كيماوية ضد المعارضة خلال سنوات الحرب الأهلية الدائرة منذ العام 2011، لكن هناك مخاوف حالياً من أن جماعات متشددة كتنظيم «الدولة الاسلامية» يمكن أن يستخدم غاز الكلورين كسلاح. ميدانياً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» في تقرير من ريف دمشق أن «اشتباكات عنيفة تدور بين قوات النظام من جهة ومقاتلي الكتائب الاسلامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة من جهة أخرى في محيط اوتوستراد السلام بمخيم خان الشيح في الغوطة الغربية، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين، ايضاً تدور اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، ومقاتلي الكتائب الاسلامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة من جهة أخرى، على اطراف مدينة داريا، ترافق مع تفجير الكتائب الاسلامية صباح اليوم (أمس) نفقاً في الجهة الشمالية للمدينة». لكن موقع «زمان الوصل» المعارض، وصف هجوم قوات النظام على مدينة داريا والمستمر منذ أيام بأنه «حرب مقدسة». ونقل الموقع عن «المركز الإعلامي» لمدينة داريا أن «الجيش الحر» تمكن الأحد من التصدي لهجوم قوات النظام على الجبهة الشمالية للمدينة. وأشار إلى أن النظام مدعوماً بمجموعات شيعية يحاول منذ السبت «التقدم للسيطرة على مقام السيدة سكينة الواقع على الجبهة الشمالية للمدينة، من خلال الهجوم عبر المحورين الشمالي والشرقي لداريا». وأورد أن ناشطين يعتبرون هذا الهجوم «حرباً ذات طابع طائفي مدفوع من «حزب الله» وإيران». وأشار إلى مقتل خمسة من «الجيش الحر» الأحد خلال قصف عنيف و12 غارة جوية تعرضت لها داريا. وفي ريف درعا، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة أوقعت خسائر كبيرة في صفوف التنظيمات الارهابية خلال سلسلة من العمليات الناجحة وقضت على عدد من متزعميهم بالتزامن مع سيطرة الجيش على أجزاء واسعة في بلدة الشيخ مسكين». ونقلت عن مصدر عسكري «أن وحدات من الجيش والقوات المسلحة قضت على عدد كبير من الارهابيين ودمرت آليات عدة وسيارة مفخخة في الشيخ مسكين في ريف درعا حيث تمكنت بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية من إحكام السيطرة على الكثير من كتل الأبنية في الحارتين الغربية والشرقية من البلدة». أما «المرصد السوري لحقوق الانسان»، فأشار إلى أن «قوات النظام قصفت ليلة (أول من) أمس مناطق في مدينة بصرى الشام ... ومناطق في حيي طريق السد ومخيم درعا في مدينة درعا». وأضاف: «ارتفع إلى 11 على الأقل عدد الغارات التي نفّذها الطيران الحربي على مناطق في بلدة الشيخ مسكين، وسط استمرار الاشتباكات بين الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من طرف، وقوات النظام وعناصر من «حزب الله» اللبناني من طرف آخر، ولم ترد معلومات إلى الآن عن خسائر بشرية». وتابع: «ارتفع إلى 28 على الأقل بينهم 7 مواطنات وطفلان اثنان... عدد الشهداء الذين قضوا في مجزرة ارتكبتها طائرات النظام الحربية بتنفيذها غارتين اثنتين على مناطق في بلدة جاسم في ريف درعا». وفي محافظة حلب في الشمال السوري، أشار «المرصد» إلى سقوط قذائف عدة «اطلقها مقاتلو لواء شهداء بدر بقيادة المدعو خالد حياني على مناطق في حي الاشرفية» الخاضع لسيطرة النظام. وأضاف «أن مقاتلاً من الكتائب الاسلامية استشهد في حي صلاح الدين صباح اليوم (أمس) جراء إصابته برصاص قناص قوات النظام بعد اشتباكات عنيفة جرت اثناء محاولة أحد عناصر قوات النظام الانشقاق، كما تم إطلاق النار من جانب قوات النظام على العنصر المنشق وقتله». أما في ريف حلب، فقد دارت، وفق «المرصد»، اشتباكات «في محيط تلة خانطومان قرب الأكاديمية العسكرية غرب حلب، بين جبهة النصرة والكتائب المقاتلة وجبهة أنصار الدين والكتائب الإسلامية من جهة، وقوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني وعناصر من «حزب الله» اللبناني من جهة أخرى، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين». وكانت فصائل المعارضة حققت تقدماً مهماً في تلك المواجهات وسيطرت على تلة استراتيجية قرب حندرات، ما يعني فشل محاولة النظام التقدم شمال حلب بهدف فرض طوق على الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة. وعلى صعيد هجوم المعارضة على بلدتي نبل والزهراء، فقد أورد «المرصد» أنه «تم توثيق استشهاد 5 مقاتلين من الكتائب الاسلامية خلال الاشتباكات... مع قوات الدفاع الوطني ومسلحين محليين من البلدتين» الشيعيتين. وفي محافظة حمص، أفاد موقع «مسار برس» أن تنظيم «جبهة النصرة» انسحب الأحد من مدينة الرستن في الريف الشمالي بعد يوم من سيطرته عليها. وأضاف «أن جبهة النصرة قبل أن تنسحب من المدينة قامت باعتقال عدد من اللصوص والعناصر الفاسدة التي كانت تدّعي أنها من الجيش السوري الحر». وكانت «النصرة» اقتحمت السبت الرستن من محاور عدة واشتبكت مع كتائب «الشهيد قاسم الأشتر». وفي محافظة حمص أيضاً، أعلن «المرصد» وقوع اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، والكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من طرف آخر، على الجبهة الغربية من مدينة تلبيسة، وسط فتح قوات النظام نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق الاشتباك. وفي محافظة إدلب، أفاد «المرصد» بأن «جبهة النصرة سلّمت (أول من) أمس جثث نحو 13 مقاتلاً من ألوية مقاتلة كانت قد اعتقلتهم في وقت سابق من قرية كوكبا بجبل شحشبو بريف إدلب». وأوضح أن «جبهة النصرة طلبت قبل نحو يومين أثناء دخولها الى قرية كوكبا في جبل شحشبو، من مقاتلي ألوية الأنصار، تسليم أنفسهم، إلا أن أحد مقاتلي الألوية أطلق النار على رتل جبهة النصرة، ما أدى إلى مقتل قيادي منها، حيث قامت جبهة النصرة على خلفية ذلك باعتقال 13 مقاتلاً من ألوية الأنصار، فيما لاذ بقية مقاتلي الأنصار بالفرار، حيث أعادت النصرة جثث المقاتلين ال 13 إلى منطقة كوكبا ليلة (أول من) أمس، وظهرت على معظم الجثث آثار طلقات نارية من الخلف». وفي محافظة حماة، أعلن «المرصد» أن الطيران الحربي نفّذ ثلاث غارات على ناحية عقيربات التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية» بريف حماة الشرقي.