سيطر مقاتلو المعارضة السورية امس على غالبية أجزاء سجن حلب المركزي في شمال البلاد، وتمكنوا من الإفراج عن مئات الأسرى، في وقت أعلن عن مقتل قرابة 250 شخصاً بينهم 73 طفلاً في الأيام الخمسة الماضية، في قصف الطيران السوري ب «البراميل المتفجرة» على الأحياء الشرقية لمدينة حلب. وأفاد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في بيان: «بعد معركة تمت بالتنسيق بين عدد من الكتائب العسكرية المقاتلة في صفوف الثوار، وبعد حصار صعب استمر قرابة 9 أشهر، تمكن الثوار من دخول سجن حلب المركزي وتحرير السجناء المعتقلين فيه»، مشيراً إلى أن السجن كان «تحول مع بدء معارك حلب إلى معتقل رهيب تعرض السجناء فيه لمعاناة فظيعة، وتم إعدام نحو 150 منهم إما بالرصاص أو تحت التعذيب بالإضافة إلى عشرات قضوا بسبب سوء المعاملة وقلة الغذاء». وأوضح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن: «سيطر عناصر من جبهة النصرة وحركة أحرار الشام (المنضوية تحت لواء «الجبهة الإسلامية») اليوم (أمس) على 80 بالمئة من سجن حلب المركزي». وأشار إلى تمكن المقاتلين من «الإفراج عن مئات السجناء» من السجن الذي يعد من الأكبر في سورية، ويحتجز فيه نحو ثلاثة آلاف شخص. وأوضح «المرصد» أن معارك أمس «أدت إلى مقتل عشرين عنصراً من القوات النظامية، وما لا يقل عن عشرة من المقاتلين»، بينهم قائد الحملة ضد السجن، وهو شيشاني الجنسية. ونفى التلفزيون الرسمي السوري سيطرة المقاتلين على أجزاء من السجن. وقال في شريط أخباري عاجل: «جيشنا الباسل وعناصر حماية سجن حلب المركزي يحبطون محاولة مجموعات إرهابية الاعتداء على السجن، ويوقعون أعداداً كبيرة من أفرادها قتلى». وأوضح عبد الرحمن أن المقاتلين شنوا صباح أمس هجوماً جديداً على السجن من خلال «تفجير عنصر من جبهة النصرة لنفسه بعربة مدرعة على المدخل الرئيسي للسجن، تلاها اقتحامه بأعداد كبيرة من المقاتلين». وكانت «حركة أحرار الشام» أعلنت أمس عن «بدء غزوة «وامعتصماه» لتحرير سجن حلب المركزي» بالتعاون مع «جبهة النصرة»، وذلك في بيان نشره الموقع الإلكتروني ل «الجبهة الإسلامية» التي تضم أبرز الكتائب الإسلامية المقاتلة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وأعلنت الحركة في وقت لاحق على صفحتها على موقع «فايسبوك» عن «تحرير سجن حلب المركزي». إلا أن عبدالرحمن أشار إلى «تواصل الاشتباكات في الأجزاء المتبقية من السجن» الذي يعد من الأكبر في البلاد، ويقع على المدخل الشمالي لمدينة حلب، كبرى مدن شمال سورية. ويحاصر مقاتلو المعارضة السجن منذ نيسان (أبريل) 2013، واقتحموه أكثر من مرة في محاولة للسيطرة عليه، إلا أن القوات النظامية كانت تتمكن في كل مرة من طردهم مجدداً إلى خارج أسواره. ويعاني السجن من ظروف إنسانية صعبة ونقص حاد في المواد الغذائية والأدوية وأوضاع إنسانية صعبة، وفق «المرصد». وقررت السلطات السورية منتصف كانون الأول (ديسمبر) الماضي الإفراج عن 366 سجيناً، وذلك لأسباب «إنسانية». وكان مقاتلو المعارضة السورية أعلنوا شن حملة عسكرية جديدة على محافظة حلب. وانضم أكبر تحالف لقوات المعارضة السورية والمعروف باسم «الجبهة الإسلامية» إلى «جبهة النصرة» لشن هجوم أطلقوا عليه اسم «واقترب الوعد الحق». وقالت قوات المعارضة في بيان مشترك: «تطالب غرفة عمليات «واقترب الوعد الحق» كافة العسكريين المتواجدين في المقرات بالتوجه إلى جبهات القتال، وإلا سيتعرضون للمساءلة والمحاسبة». ودعت سكان مناطق نقاط التفتيش والقواعد التي تسيطر عليها قوات الحكومة السورية إلى المغادرة خلال 24 ساعة قائلة إن هذه المناطق ستكون الأهداف الرئيسية للمعارضة. وحققت القوات الموالية للأسد مكاسب محدودة في أجزاء خاضعة لسيطرة المعارضة في ثاني أكبر المدن السورية. وأرجعت مصادر في المعارضة ذلك إلى اقتتال قوات المعارضة على مدى أسابيع، ما أسفر عن مقتل ما يربو على 2300 مقاتل. وتحاول «الجبهة الإسلامية» وبعض حلفائها من العلمانيين طرد جماعة انفصلت عن تنظيم «القاعدة» وهي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) بسبب خلافات على الأرض وخلافات أيديولوجية. إلى ذلك، قال «المرصد» إنه وثق «استشهاد 246 بينهم 73 طفلاً دون سن الثامنة عشر (...) وما لا يقل عن 22 مقاتلاً من الكتائب المقاتلة، استشهدوا خلال الأيام الخمسة الفائتة جراء القصف بالبراميل المتفجرة التي ألقتها الطائرة المروحية على أحياء حلب الشرقية». ووفق «المرصد»، أدى القصف كذلك إلى مقتل 24 امرأة على الأقل، في حين نزح آلاف الأشخاص من هذه الأحياء في اتجاه الأحياء الغربية من المدينة، والواقعة تحت سيطرة قوات نظام الأسد. وتتعرض الأحياء الشرقية لحلب التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة ومناطق في ريفها، لقصف عنيف من الطيران التابع للقوات النظامية منذ منتصف كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ما أدى إلى مقتل المئات خلال أسابيع، وفق «المرصد». واشتدت حدة هذا القصف مجدداً خلال الأيام الماضية، لا سيما منذ السبت الماضي. ويترافق هذا القصف مع تقدم القوات النظامية على أطراف الأحياء الشرقية، بعد استعادتها السيطرة على مناطق واسعة في الريف الشرقي لكبرى مدن شمال سورية. وقال المرصد إن «نحو 30 بالمئة من الذين استشهدوا إثر هذا القصف بالبراميل القذرة، هم من الأطفال دون سن الثامنة عشرة، الذي كان ذنبهم الوحيد، أنهم أصروا على البقاء في منازلهم، ورفضوا الرضوخ لحملة التهجير والتشريد». وقتل امس «11 مواطناً بينهم 3 أطفال و3 مواطنات وأنباء عن 3 شهداء مجهولي الهوية جراء قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في حي مساكن هنانو»، وفق «المرصد». وأفاد «مركز حلب الإعلامي» من جهته: «ألقى الطيران المروحي على الأقل سبعة براميل متفجرة على مواقع متفرقة في حي مساكن هنانون تزامناً مع غارات من قبل الطيران الحربي. وسقط البرميل الأول قرب جامع عثمان بن عفان الذي تعرض للاستهداف قبل يومين، ما أدى لارتقاء شهيدين ووقوع عدة جرحى، وخلف دماراً واسعاً لحق بأكثر من عشرة منازل سكنية. وارتقى أكثر من عشرة أشخاص وعشرات الجرحى، بينهم عائلة مؤلفة من ستة أشخاص قرب فروج الاتحاد في الحي، ولحق الدمار بثمانية أبنية سكنية. كما استشهد شخصين وأصيب آخرون بجروح، جراء سقوط برميل قرب مبنى البريد. وقرب ملعب «الفروسية» وزاوية الاطفائية خلف سقوط البرميلين المتفجرين أضراراً مادية لحقت في الموقعين المستهدفين من دون وقوع إصابات. وسقط شهيد وأصيب آخرون بجروح، كما تهدم بناء سكني، إثر غارة جوية قرب فرن الذرة، كما لم ترد أنباء عن عدد الضحايا وحجم الدمار الذي خلفه سقوط برميل متفجر قرب صالة البحر». وطالب «المرصد» المجتمع الدولي «الفاقد لأبسط قيم الإنسانية بالتحرك العاجل، لوقف هذه الحملة، لعلنا نجد فيه بقايا من الضمير الإنساني». كما طالب «المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي والجهات الدولية والقانونية المختصة بالعمل على إحالة ملف مجازر البراميل المتفجرة الملقاة على مدينة حلب، من أجل محاكمة العميد سهيل الحسن قائد الحملة، ومنفذي أوامره بارتكاب هذه المجازر». وفي دمشق، ألقى الطيران المروحي أمس 14 برميلاً متفجراً على مناطق في مدينة داريا بعد إلقائه 12 برميلاً أول من أمس و20 برميلاً قبل أيام.