تجدد الصراع بين الليبيراليين والإسلاميين في المؤتمر الوطني العام (البرلمان الموقت) في ليبيا، بعد تنصل «تحالف القوى الوطنية» (الليبيرالي) بزعامة محمود جبريل، من «خريطة طريق» أقرها المؤتمر تقضي بتمديد ولايته إلى حين استكمال استحقاق إقرار دستور جديد وإجراء انتخابات بموجبه. وأصر «التحالف» على وجوب التزام المؤتمر بالمهلة المحدد لانتهاء ولايته غداً الجمعة، المصادف السابع من الشهر الجاري، واعتبر استمراره بعد هذا الموعد «اغتصابا للسلطة»، محملاً الإسلاميين مسؤولية الفوضى السياسية والانفلات الأمني في البلاد. وحبس الليبيون أنفاسهم أمس، تحسباً لمواجهات محتملة بين مناهضي التمديد الذين توعدوا بتحركات في الشارع غداً، لإجبار المجلس على الالتزام بالأجل المحدد لنهاية ولايته، وبين الثوار الذين تعهدوا حماية المجلس باعتباره ملاذاً للشرعية يهدد زواله بفراغ دستوري، ما يثير مخاوف من تكرار مشهد المواجهات الدموية في طرابلس في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وازدادت الأزمة تعقيداً بسبب تداخل المواقف بين الشارع والقوى الليبيرالية من جهة، والمجموعات المسلحة المحسوبة على التيار الديني، والتي لعبت دوراً في إسقاط نظام العقيد معمر القذافي، من جهة أخرى. وخيمت أجواء أمنية ضاغطة على طرابلس، في ظل استنفار سرايا الثوار لمواجهة تحركات محتملة ضد المؤتمر، فيما ترددت معلومات عن كشف مخطط لإطلاق النار على متظاهرين لإحداث بلبلة. فيما اعلن مدير الأمن الوقائي في بنغازي عبد السلام البرغثي القبض على مجموعة تضم ليبيين وآخرين من جنسيات عربية مختلفة، ضبطت في حوزتهم بنادق قنص كانوا يخططون لاستخدامها في إطلاق النار على المتظاهرين غداً. وأبدى ثوار من مناطق مختلفة في اجتماع عقدوه مطلع الأسبوع، تأييدهم ل «شرعية المؤتمر الوطني العام باعتباره كياناً منتخباً»، ودعوا إلى «تأسيس مجلس نواب لثوار ليبيا كإجراء احترازي في حال إسقاط المؤتمر الوطني بآليات غير ديموقراطية». وطالب رئيس اللجنة التسييرية لتحالف القوى الوطنية عبد المجيد مليقطة، في حديث إلى «الحياة» أمس، بأن يصاحب انتخابات لجنة الستين (المكلفة صياغة الدستور) المقررة في 20 الشهر الجاري، استفتاء حول ولاية المؤتمر، مؤكداً أن استمرار المجلس بعد السابع من الشهر الجاري «اغتصاب للسلطة». وبعد اتهام التحالف صاحب الكتلة الأكبر في المؤتمر، بالموافقة على «خريطة طريق» تمدد عمل المؤتمر ليل الاثنين، و «التنصل» منها الثلثاء، شكك مليقطة في أن يكون عدد النواب الذين صوتوا على تعديل الإعلان الدستوري بلغ 146 من أصل 149 حضروا الجلسة، وأشار إلى عدم وجود لجنة محايدة لإحصاء الأصوات بدقة. وقال مليقطة إن التحالف يدعو إلى «انتخابات مبكرة لاختيار برلمان ورئيس للدولة». في المقابل، قال ل «الحياة» محمد صوان رئيس «حزب العدالة والبناء» (الإسلامي)، إن التصويت على تعديل الإعلان الدستوري بشكل يتيح التمديد العملي للمؤتمر، أتى «نتيجة جهود للتوافق بإرادة حرة بين الكيانات السياسية داخله». واستغرب موقف القيادة السياسية للتحالف الذي «يدل على انفصالها بشكل شبه كامل عن مجريات العملية السياسية داخل المؤتمر». ورأى صوان الذي يصف الليبيراليون حزبه بأنه الذراع السياسية ل «الإخوان» في ليبيا، أن الاتهامات التي كالها التحالف لحزب العدالة والبناء وحلفائه «يتضمن كماً كبيراً من الافتراءات والمغالطات». وشدد على رفض حزبه ل «المفهوم المطاط للإسلام السياسي» الذي يروج له التحالف. وأكد ل «الحياة» الدكتور أبو بكر مذّور الذي قاد المفاوضات بين الكتل السياسية العشرة داخل المؤتمر أن الصيغة التوافقية التي توصل إليها المؤتمر (خريطة الطريق) «أقرها 146 عضواً ممن حضروا الجلسة، بعد نحو عشرة أيام متواصلة من الحوار والمناقشات مع مختلف الكيانات السياسية، انتهت بتوافق كل الكيانات»، فيما رأى مراقبون مقربون من التحالف في ذلك، مؤشراً إلى «خلل في تماسكه نتيجة تعرض بعض نوابه لضغوط». من جهة أخرى، نفى عضو المؤتمر الشريف الوافي أن يكون التوافق شمل البحث في خلف لرئيس الحكومة علي زيدان. وقال الوافي: «لم يتم تناول موضوع سحب الثقة من الحكومة، ولا تداول اسم أي مرشح لخلافة زيدان الذي لا يحق له في الوقت ذاته، اشتراط اختيار بديل له حتى يسلم رئاسة الحكومة».