تشهد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية حال احتقان بعد إعلان العاملين في «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) الاضراب لأسباب نقابية منذ أكثر من 60 يوماً. وفي مخيم الجلزون القريب من رام الله، تتكدس القمامة عند مداخل البيوت وفي الطرق بينما يتراكض الاطفال يلعبون في طرق المخيم بسبب اغلاق مدارسهم. ويقول الشاب نزيه عبدالهادي من المخيم: «هذا المشهد نعيشه في المخيم منذ ان اعلن العاملون في الوكالة اضرابهم عن العمل». وأضاف: «المخيم يشهد حالة من الاحتقان على كل شيء، على الظلم والاضطهاد. والفتية والشبان على استعداد لتفريغ غضبهم هذا في أي شيء». وعند ساعات ما بعد الظهر، يخرج شبان وفتية تتراوح اعمارهم ما بين 16 الى 22 عاماً، الى مدخل المخيم لإغلاق الطريق الذي يمر بين المخيم والمستوطنة القريبة، وتبدأ اشتباكات بين الشبان والجيش الاسرائيلي الذي يصل الى المنطقة لحماية المستوطنة. ويشير الشاب الذي أمضى عشر سنوات في السجون الاسرائيلية وفقد عينه وأصابع يده نتيجة لانفجار عبوة ناسفة: «التعبير عن هذا الغضب ممكن ان يكون ضد الوكالة او الاحتلال او السلطة لأن سكان المخيم يريدون لفت انظار العالم بأي طريقة عن المأساة التي يعيشونها». ووقعت مواجهات عنيفة بين شبان من المخيم والشرطة الفلسطينية قبل نحو اسبوعين حين حاول شبان إغلاق طريق يصل الى مدينة رام الله تعبيراً عن تضامنهم مع العاملين في وكالة الغوث، ما ادى الى اصابة نحو 40 شرطياً فلسطينياً و60 شاباً بجروح مختلفة. وفقد مسؤول اللجنة الشعبية في المخيم محمود مبارك ابنه محمد الاسبوع الماضي عندما قتل برصاص الجيش الاسرائيلي الذي اكد ان الشاب اطلق الرصاص باتجاه جنود اسرائيليين، لكن والده نفى ذلك. وقال محمود لوكالة «فرانس برس»: «التوتر لا يسود مخيم الجلزون فقط بل هذه الحالة تشهدها غالبية المخيمات الفلسطينية». ورغم ان اضراب العاملين في الوكالة تسبب في شل العديد من الخدمات المقدمة للمخيمات، غير ان محمود اوضح ان المعاناة التي تعيشها المخيمات «موجودة قبل اضراب العاملين في وكالة الغوث». ولا يفرق محمود بين ما تشهده المخيمات الفلسطينية في الضفة وما يعيشه اللاجئون في مخيمات فلسطينية اخرى مثل مخيم اليرموك في سورية. وقال: «هناك ضغط دولي يمارس على اللاجئين الفلسطينيين من اجل نسف قضيتهم من جدول المفاوضات النهائية... هناك ضغط يمارس على اللاجئين، سواء لجهة الاعتقالات التي يمارسها الاحتلال ضد سكان المخيمات، او تقصير السلطة الفلسطينية في الاهتمام بالمخيمات، او تقليصات خدمات الوكالة». وفي مخيم قلنديا المحاذي لمدينة القدس، لا يختلف الحال كثيراً، إذ أشار مسؤول اللجنة الشعبية في المخيم جمال لافي الى ان الظروف التي تشهدها مخيمات الضفة «ليست بريئة». وأضاف: «هذه الممارسات التي يدفع ثمنها ابناء المخيمات ليست حديثة ووكالة الغوث وتشغيل اللاجئين عمدت الى تقليصات كبيرة على خدماتها بحيث لم يتبق شيء من هذه الخدمات في الصحة والتعليم والنظافة». ولا يربط لافي تردي الاوضاع في المخيمات بإضراب العاملين في الوكالة فقط، بل اشار الى عوامل اخرى، منها البطالة والحالة الاجتماعية المتردية. وهذه الاوضاع «قد تساهم في اشعال انتفاضة فلسطينية جديدة يكون عنوانها اللاجئون في المخيمات». وتُعقد اجتماعات متواصلة بين اللجان الشعبية في المخيمات وممثلي العاملين في وكالة الغوث وممثلين عن الوكالة ووزارة العمل الفلسطينية لإنهاء الاضراب، لكن من دون جدوى. وقال اتحاد العاملين في وكالة الغوث في بيان له الاسبوع الماضي ان الوكالة «تقوم بتقليص خدماتها شيئاً فشيئاً وبطريقة تجعل اللاجئ يشعر بأن الوكالة سترحل قبل أن تحل قضية اللاجئين، وهكذا وضع يدركه كبار السن الذين عايشوا خدمات وكالة الغوث بالزمن الماضي، وهم اليوم يفتقدونها ويتحسرون عليها». وطلب العاملون في بيانهم «تعويض العاملين عن الخسارة في رواتبهم ومساواتهم بقطاع غزة وسورية ولبنان والأردن الذين لا يعانون من غلاء المعيشة كما تعانيه الضفة». وجاء في البيان أن «وكالة الغوث في سورية ولبنان والأردن تستجيب لتدخلات الحكومات، بينما في فلسطين تماطل وتحاول تضليل كل من يتدخل من الحكومة والمجلس التشريعي واللجان الشعبية ودائرة شؤون اللاجئين». اكياس القمامة ملقاة في الشارع في مخيم الجلزون بسبب اضراب العمال