يبدأ خبراء سويسريون وضع فرص الاستثمار الدولية تحت المجهر لتحليلها، قبل مباشرة أولى خطواتهم على طريق إعطاء المستثمرين السويسريين سلة من النصائح الرامية إلى حماية الأموال السويسرية، التي ستُضخ في الأسواق المالية الدولية، وربما تتخطى قيمتها مئة بليون فرنك سويسري. وينصح هؤلاء بتوخي الحذر الشديد، لأن ثمة قطاعات تُعتبر قاطرة الانتعاش الاقتصادي الأوروبي، وعلى المستثمرين الانخراط فيها من دون خوف، والابتعاد من الأسواق المالية في الدول النامية، والاتجاه إلى تلك التابعة للدول الصناعية الغربية من دون أن يحجموا عن تقويم الفرص الاستثمارية في اليابان، إضافة إلى المراهنة على تلك القطاعات الأكثر حساسية أمام التغيرات الاقتصادية على الصعيدين الأوروبي والسويسري. ويرون أن على المستثمرين الابتعاد عن أسهم الشركات والمؤسسات التي تقدم خدمات ذات منافع عامة، إذ ستكون عرضة لتقلبات فوائد سندات الخزينة الأوروبية وهي ستنخفض في شكل طفيف، ما يجعلها تتسم بصفة أقل دفاعية عن العام الماضي. كما سيجد عدد من هذه الشركات والمؤسسات، أنها ملزمة تقليص توزيع الأرباح على حاملي أسهمها للحفاظ على مستوى تصنيف ائتماني مقبول دولياً. أما بالنسبة إلى المؤسسات المالية السويسرية، فيرجح الخبراء عملية واسعة في إعادة وضع معدلات الفوائد في الأسواق المحلية. ويشير خبراء مصرفيون السويسريون، إلى أن الثقل الاستثماري الأكبر خلال هذه السنة، سيتركز في الأسهم التكنولوجية والمصرفية والصيدلانية، إذ تتمتع بأنظمة دفاعية صلبة أكثر من تلك المتوافرة في الأسهم التابعة لشركات الاتصالات والتي تقدم خدمات ذات منفعة عامة. وفي الأداء، يعتقدون أن أسواق الدول الأوروبية المشبعة ستتفوق على تلك النامية، علماً أن لا خط أحمر بعد للاستثمار في أسواق الدول النامية، بل يجب على المستثمرين تنويع استثماراتهم هناك. وتبرز تايوان بين الدول النامية، التي لا تزال تستقطب استثمارات سويسرية، ويعتمد اقتصادها كثيراً على الصادرات، والصين التي شهدت إصلاحات ستؤدي قريباً إلى توطيد سقف الأمان الاستثماري لديها، فضلاً عن إعادة ترتيب درجات التصنيف الائتماني للمؤسسات الصينية إيجاباً. أما الدول النامية التي تسجل موازناتها العامة عجزاً مالياً أو تعلقاً شديداً ببيع سلعها في الخارج، فهي ستشهد تراجعاً في الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وفي الوقت الحاضر، يبلغ أداء الأسواق المالية الأوروبية درجة «أوفر وايت» (فوق الأبيض)، على عكس أداء الأسواق النامية الذي يصل فيها إلى درجة «أندر وايت» (تحت الأبيض). ويلعب الدولار الأميركي القوي اليوم لجهة القيمة والكلفة المتعاظمة للمال، دوراً في تحديد أسماء الدول الأكثر جاذبية للاستثمارات الدولية. وبين الدول التي وضعها السويسريون على اللائحة السوداء، نجد البرازيل وتركيا وجنوب أفريقيا والهند وإندونيسيا، المتوقع تراجع الاستثمارات السويسرية المباشرة فيها بنسبة تتراوح بين 50 و 60 في المئة.