للقب الجامعي المتقدم، وبخاصة «الدكتوراه»، أهميته ورونقه، وفي فلسطين بدأنا نسمع ونشاهد اشخاصاً تسبق اسماءهم صفة دكتور، وإن كانت الجامعات التي حصلوا منها على اللقب، غير معترف بها، لما قد يشكله هذا اللقب من «بريستيج» مجتمعي بالدرجة الأولى. ومع تزايد أعداد المنتسبين من بعد لبعض الجامعات «العالمية»، او عبر طريقة جديدة من التعليم تسمى «التعليم غير النظامي»، أي التعليم عبر المراسلة إما بالبريد الالكتروني (الايميل)، أو نظام الربط التلفزيوني عبر الأقمار الاصطناعية (الفيديو كونفرنس) وغيرها من الطرق التكنولوجية، كوسائط التواصل الالكترونية، وأشهرها «سكايبي»، من دون تحمل عناء السفر والاقامة في البلد المنوي الدراسة فيه او حتى دخول الجامعة اصلاً. وفي هذا الإطار، يقول أياد ابو عرة، المدير العام للتعليم الجامعي في وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية: «في معادلة الشهادات وتصديقها في شكل عام نستند إلى قانون التعليم العالي الرقم 11 للعام 1998 الذي يحدد صلاحيات وزارة التربية التعليم العالي، وطبيعة الشهادات وطبيعة الدراسة التي تمت ... وفي الوزارة نصادق فقط على الشهادات التي حصل عليها الطالب بعد انهائه التعليم النظامي». وأضاف ل «الحياة»: «هناك انظمة كثيرة في العالم بخصوص الدراسات التي تتم بطرق مختلفة مثل الدراسة من بعد اي عبر الشبكة العنكبوتية او بواسطة ما يسمى التعليم المفتوح ... نحن، ووفق القانون الفلسطيني، لا نصادق على اي شهادة من خلال الدراسة من بعد». وتابع: «هناك شروط اخرى لمعادلة الشهادات، فعلى سبيل المثال، فإن اي طالب حاصل على شهادة الثانوية العامة، يجب ان يتناسب الفرع الذي التحق فيه (علمي أو أدبي أو تجاري ...) وطبيعة دراسته الجامعية، فمن درس الطب يجب ان يكون تخرج في الثانوية العامة من الفرع العلمي، لتتم مصادقة الشهادة، ويجب ان تكون الجامعة معتمدة، حيث ان هناك عدداً من الجامعات في كل دولة من دول العالم غير معتمدة، وقائمة الجامعات المعتمدة متوافرة على موقع الوزارة ليستطيع جميع الطلاب مشاهدتها، ويشترط أن يقيم الطالب في الدولة التي يدرس فيها وليس عبر الفيديو». وأكد أبو عرة: «ضبط التعليم من بعد صعب حتى الآن وليس كما هو في التعليم النظامي، فالتعليم الالكتروني حتى اللحظة غير معترف فيه، حتى لو كانت الجامعة اصلاً معترفاً بها». وبخصوص حملة شهادة الدكتوراه غير المعترف بها، ويسبقون أسماءهم بحرف الدال متبوعاً بنقطة، قال: «الوزارة تخدم الجمهور ولا تلاحق اي شخص يحمل صفة دكتور، حتى لو كانت غير حقيقية او غير مصدقة، الا ان النقابات مثل نقابة الاطباء مثلاً او نقابة المهندسين هي من تمنع وتدقق في الشهادات، ومن يثبت ان شهادته غير مصدقة تتخذ بحقه اجراءات معينة». ويرى مراقبون أن غالبية اللاهثين وراء لقب الدكتوراه وإن كان مجرد ديكور، هم من الصحافيين والإعلاميين، ويعزون ذلك إلى أن مزاولة المهنة والحصول على عضوية نقابة الصحافيين الفلسطينيين غير مرتبطة بشهادة، بل تتعلق بممارسة العضو العمل الصحافي في مؤسسة صحافية فلسطينية أو عربية أو دولية معترف بها. ويبدو أن الاندفاع المحموم للحصول على شهادة الدكتوراه بأية طريقة كانت، وفي أي تخصص كان، ومن أية جامعة في العالم يعكس حالة نفسية ما لدى من يرى أن وجاهته لا تكتمل إلا بورقة كرتونية تفيد بأنه دكتور، ومزخرفة بالأختام والتواقع، بل إن بعضهم، ووفق دراسات علمية عربية ودولية، يرى أنه نال من النجاحات في عمله أو تجارته ما أسعده وأرضاه فلم لا يكمل سعادته بنيل شهادة لن تكلفه إلا اتصالاً ومتابعة وقراءة ما كتبه أو يكتب له إن لزم الأمر. في فلسطين ثمة العديد ممن يستبقون أسماءهم بلقب (د.)، وبات الإعلام وغيره يتعاطى معهم وفق هذا اللقب، الذي قد لا تكون كلفته إلا بضعة آلاف من الدولارات وبعض الأبحاث، في حين قد يكون آخرون بذلوا جهداً كبيراً، لكنها تبقى ألقاب، يستخدمها البعض للتباهي، ويتجاهلها البعض الآخر، مع أن كثيرين يعرفون أنها «دكتوراه مع وقف التنفيذ».