اعتقلت قوات الأمن التونسية مساء أول من أمس، عشرات المحسوبين على التيار السلفي الجهادي في مناطق عدة، ضمن حملة أمنية شنتها ضد عناصر يُشتبه بعلاقتها بمجموعات مسلحة، إلا أنها فشلت في اعتقال القيادي البارز في تنظيم «أنصار الشريعة» السلفي الجهادي المحظور كمال زروق المقرب من زعيم التنظيم سيف الله بن حسين (أبو عياض)، الذي قيل إنه اعتُقل في ليبيا في 30 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وحاصرت القوى الأمنية مسجد «التوبة» في منطقة «الجبل الأحمر» (الضاحية الغربية للعاصمة التونسية) لاعتقال زروق، غير أنهم فشلوا في ذلك، إذ تمكن أنصاره الذين احتشدوا بالمئات من تهريبه، لتندلع مواجهات عنيفة ألقى خلالها السلفيون الحجارة والزجاحات الحارقة على القوات الحكومية. واعتقلت الوحدات الأمنية 19 شخصاً يُشتبه في انتمائهم لتنظيم «أنصار الشريعة»، في حين توسعت رقعة المواجهات بين قوات الأمن والعناصر السلفية لتشمل أحياءً مجاورة، ك «حي الزياتين»، ما دفع السلطات إلى إرسال تعزيزات أمنية كبيرة لهذه المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية. وكانت الحكومة التونسية أعلنت في آب (أغسطس) الماضي جماعة «أنصار الشريعة» تنظيماً إرهابياً، إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي، واستصدرت بطاقة جلب دولية ضد مؤسسها أبو عياض (48 سنة). في سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية أمس، القبض على أحد العناصر الإرهابية الخطيرة، إضافةً إلى «توقيف عنصرين متورطين في تمويل المجموعات الإرهابية المتواجدة في جبل الشعانبي» في محافظة القصرين (غربي البلاد) الحدودية مع الجزائر. وأشارت الداخلية إلى أن «وحدات مكافحة الإرهاب التابعة للحرس الوطني (الدرك) تمكنت من الكشف عن مجموعة تتكون من خمسة عناصر متشددة تنتمي إلى تيار محظور (أنصار الشريعة)، تموّل جماعات إرهابية تتمركز في أحد جبال الشريط الحدودي مع الجزائر». على صعيد آخر، وصل رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة مساء أمس، إلى الجزائر في أول زيارة إلى الخارج يجريها منذ توليه منصبه. وكانت الجزائر أدت دوراً كبيراً خلال الأزمة السياسية التي عاشتها تونس منذ شهر تموز (يوليو) الماضي، عبر تقريب وجهات النظر والقيام بوساطات بين الفرقاء. واستحسن المراقبون هذه الزيارة خاصة بعد سنتين من الفتور في العلاقة بين البلدين، إثر صعود الإسلاميين إلى السلطة في تونس، على رغم أهمية مصالحهما المشتركة، خاصةً في مجالات مكافحة الإرهاب والتهريب والتبادل التجاري. وكان جمعة التقى صباح أمس، نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز الذي جدد دعم الولاياتالمتحدة للحكومة الجديدة ولتجربة الانتقال الديموقراطي التونسية. كذلك أعرب بيرنز عقب لقائه رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي عن «إعجاب العالم بالتجربة التونسية». وهنأه بالمصادقة على دستور الجمهورية الثانية وتشكيل حكومة الكفاءات المحايدة. إلى ذلك، تعهد جمعة في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بتهيئة كل الظروف والمستلزمات لإنجاز انتخابات حرة ونزيهة ودعم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وفق بيان أصدرته رئاسة الحكومة التونسية.