حذرت المعارضة الأوكرانية أمس، الأوروبيين من أن تدخل الجيش لتفريق المتظاهرين الذين يعتصمون في كييف منذ أكثر من شهرين «أمر مرجح جداً»، خصوصاً بعدما صوّت البرلمان الأوكراني على قانون يربط العفو عن معتقلين بانسحاب المتظاهرين من أماكن عامة خلال 15 يوماً، وهو ما يرفضه الأخيرون. وأفاد بيان لحزب «باتكيفشتشينا» الذي ترأسه المعارضة الأوكرانية المسجونة يوليا تيموشنكو بأن «رئيس الكتلة البرلمانية للحزب أرسيني ياتسينيوك أبلغ مسؤولين أوروبيين، بينهم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، خلال لقاء عقده معهم على هامش مؤتمر ميونيخ الأمني عن مخطط مرجح جداً لاستخدام السلطة القوة يشمل مشاركة الجيش». وندد ياتسينيوك بمطالبة الجيش الأوكراني في بيان أصدره أول من امس الرئيس فيكتور يانوكوفيتش ب «اتخاذ تدابير عاجلة لمنع تصعيد حركة الاحتجاج الذي يهدد وحدة البلاد». ووصف المعارض البيان بأنه «محاولة ترهيب بلا جدوى من الجيش»، فيما اعتبر غريغوري نيميريا، المسؤول في حزب تيموتشنكو، فتح أجهزة الاستخبارات تحقيقاً أول من امس في «محاولة للاستيلاء على السلطة» استندت إلى وثائق ضبطتها الشرطة من مقر حزب تيموشنكو في كانون الأول (ديسمبر) الماضي «عنصراً من سيناريو قوة، وتحضيراً لفرض حال الطوارئ». والتقى ياتسينيوك أيضاً وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الألماني يواكيم غاوك، قبل أن يعلن استعداد ألمانيا لاستقبال الناشط المعارض ديميترو بولاتوف الذي أعلن تعرضه لتعذيب على مدى أسبوع بعد خطفه في 22 كانون الثاني (يناير) الماضي، من أجل تلقي علاج طبي. واستبق وزير الخارجية الأميركي جون كيري لقاءه وفد المعارضة الأوكرانية في ميونيخ ظهر أول من أمس، بالقول إن «الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي يقفان إلى جانب الشعب الأوكراني الذي يناضل من أجل حق التقارب مع شركاء سيساعدونه في تحقيق تطلعاته، ويعتبر أن مستقبله لا يعتمد على دولة واحدة»، في إشارة إلى روسيا. وكانت حركة الاحتجاج في أوكرانيا اندلعت اثر تراجع الرئيس يانوكوفيتش في تشرين الثاني (نوفمبر) عن توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، مفضلاً التقارب مع روسيا. واعتبر كيري، في أقوى موقف لواشنطن على صعيد تأييد المعارضة الأوكرانية حتى الآن، أن «الأحداث في أوكرانيا يجب ألا تعتبرها موسكو بمثابة تهديد لمصالحها». وأشار إلى أن «التطلعات التي ينشدها المعارضون تخنقها مصالح أعضاء طبقة مهيمنة فاسدة يستخدمون المال لإسكات المعارضة، وشراء السياسيين ووسائل الإعلام، وإضعاف استقلال القضاء وحقوق منظمات غير حكومية». في المقابل، ندد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ميونيخ أيضاً بانتقادات مسؤولي الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة للنظام الأوكراني الذي «يجب أن يتخذ قراراته من دون الخضوع لضغوط خارجية». وسأل: «هل يرتبط التشجيع على تظاهرات الشارع التي تزداد عنفاً بالترويج للديموقراطية. لماذا لا نسمع إدانة لأولئك الذين يحتلون مباني الحكومة ويهاجمون الشرطة، ويعذبون شرطيين ويستخدمون شعارات عنصرية أو نازية، ولماذا يشجع سياسيون أوروبيين هذه الأعمال، فيما لا يترددون في معاقبة أي انتهاك للقانون بشدة في بلادهم؟». وكان كيري أقرّ بوجود «عناصر مشاغبة في شوارع كييف»، لكنه استدرك أن «الغالبية الساحقة للأوكرانيين تريد العيش بحرية في بلد آمن ومزدهر»، علماً أن معارضين متطرفين هددوا باستهداف قوات الأمن والسلطة في حال عدم إطلاق معتقلين، وعدم استئناف المفاوضات بين السلطة والمعارضة. وغداة وصف نائب رئيس الوزراء الروسي ديميتري روغوزين لقاء كيري وفد المعارضة بأنه «سيرك»، تحدث سيرغي غلازييف، أحد مستشاري الرئيس الروسي بوتين، عن «انقلاب» تنفذه الولاياتالمتحدة وحلفاؤها، معتبراً أن الرئيس الأوكراني «يجب أن يقضي على المعارضة إذا إراد عدم خسارة السلطة». وكانت مجموعة من المعارضين المتطرفين هددت بالعودة إلى أعمال العنف ضد قوات الأمن والسلطة في حال عدم إطلاق المعتقلين، وإذا لم تستأنف المفاوضات بين السلطة والمعارضة. وتتوجه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي مجدداً إلى كييف الأسبوع المقبل للمساعدة في حل الأزمة التي دفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني إلى خفض تصنيف أوكرانيا درجة واحدة مع «آفاق سلبية، بسبب طبيعة الأزمة التي تأخذ منحى عنيفاً في شكل متزايد»، ما يهدد بإفلاس الدولة.