تستعد أنقرة اليوم لاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحفاوة، على رغم خلاف حاد بين الجانبين في شأن الحرب السورية، إذ يرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضرورة إبقاء باب الحوار مفتوحاً مع موسكو. لكن المشهد المحيّر يزداد غرابة، إذ تتذكّر أنقرة انتقاد أردوغان الأسبوع الماضي «وقاحة» نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن و «مطالبه اللامتناهية»، بعدما حض تركيا على دعم التحالف الدولي في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، وطالب بتفاهم على تسوية سياسية للأزمة السورية. فكيف لأنقرة أن تبدو أكثر تفهماً للموقف الروسي، وغضباً من الموقف الأميركي إزاء الملف السوري الذي بات يثقل كاهل الدولة التركية؟ لعلّ الجواب يكمن في تصريحات أدلى بها بوتين عشية زيارته، لوكالة «الأناضول» التركية للأنباء، قائلاً: «قد تكون مواقفنا مختلفة في شأن ملفات، لكن العلاقات بين تركياوروسيا تبقى مستقرة تحت شعار الاستمرارية، ولا تتغيّر تبعاً للمناخ السائد». ولمّح إلى موقف إيجابي من طلب تركيا زيادة كميات الغاز الروسي من 16 إلى 19 بليون متر مكعب العام المقبل، وخفض سعره. ويرى بوتين في تركيا منفذاً مهماً للالتفاف على العقوبات الأميركية - الأوروبية المفروضة على موسكو، بسبب سياساتها في أوكرانيا. ويبدو من تصريحات الرئيس الروسي أن بلاده التي كانت حظرت استيراد منتجات زراعية تركية وخفّضت عدد سياحها إلى تركيا، تستعد لفتح الباب على مصراعيه أمام المنتجات التركية، لرفع حجم التبادل التجاري من 33 إلى 100 بليون دولار، علماً أن أنقرةوموسكو تعتزمان التخلي عن الدولار في مبادلاتهما، واستخدام عملتيهما الليرة والروبل. كما يسعى الطرفان إلى فتح باب السياحة بين البلدين، وتعزيز تعاونهما في قطاع الفضاء، من خلال تدريب رواد فضاء أتراك وإطلاق قمر اصطناعي لأنقرة، ناهيك عن تشييد موسكو مفاعلاً نووياً جنوبتركيا، وسعيها إلى الفوز بعقد لتشييد مفاعلين آخرين. ويبدو التعاون الاقتصادي مع روسيا بمثابة طوق نجاة للاقتصاد التركي الذي بدأ يعاني بسبب عزلة أنقرة سياسياً في المنطقة. ويفيد التاريخ والتجربة بأن أنقرة استفادت اقتصادياً من خرقها العقوبات الغربية المفروضة على طهران، مع أثار اتهامات بفساد حكومي، ما زال البرلمان يحقق فيها. ويشجع هذا الأمر تركيا على تكرار التجربة مع روسيا، ما يثير تساؤلات عن مستقبل موقعها في الحلف الأطلسي وهل ستصبح الحلقة الأكثر ضعفاً فيه، وكيفية تأثير ذلك في الخلاف المتفاقم بين أنقرة وواشنطن. على صعيد آخر، اختتم البابا فرنسيس زيارته تركيا، داعياً وبطريرك القسطنطينية المسكوني للأرثوذكس برتلماوس، إلى «حوار بنّاء» مع الإسلام «يستند إلى الاحترام المتبادل والصداقة». ووَرَدَ في إعلان مشترك أصدره الجانبان بعد لقائهما: «ندعو المسلمين والمسيحيين إلى العمل معاً من أجل العدالة والسلام واحترام كرامة كل إنسان وحقوقه، خصوصاً في مناطق عاشوا فيها قروناً في تعايش سلمي، ويعانون الآن معاً في شكل مأسوي من أهوال الحرب». وأشار الإعلان إلى «الوضع الرهيب للمسيحيين وجميع المتألمين في الشرق الأوسط»، معتبراً أن الأمر «لا يتطلّب صلاة دائمة فقط، بل رداً ملائماً من المجتمع الدولي أيضاً». وأكد البابا وبرتلماوس أنهما لن «يقبلا شرقاً أوسط من دون مسيحيين»، وأسِفا ل «لا مبالاة كثيرين باضطهادهم». البابا فرنسيس الذي التقى حوالى مئة شاب لجأوا إلى تركيا من العراق وسورية والقرن الأفريقي، بينهم مسيحيون ومسلمون، اعتبر أن ممارسات المتشددين الإٍسلاميين تشكّل «خطيئة كبرى في حق الله»، داعياً إلى حوار بين الأديان.