أصيبت أوساط اقتصادية وسياسية في تركيا بخيبة أمل، من نتائج زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على رغم إبرام البلدين اتفاقات تعاون اقتصادي. وجاء الملف الاقتصادي أقلّ بكثير من التوقعات التركية إزاء الزيارة، إضافة إلى استمرار خلاف هائل في ما يتعلّق بالملف السوري، انعكس في شكل واضح، في توتر طغى على المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيسان في أنقرة. وأعلنت روسيا خفض سعر الغاز المُصدّر إلى تركيا بنسبة 6 في المئة، فيما كانت أنقرة تفاوض من أجل خفض يراوح بين 15- 20 في المئة على الأقل، معتقدةً بأن موسكو قد تقدّم تنازلات قوية بسبب العقوبات المفروضة عليها على خلفية أزمة أوكرانيا، والفرصة التي ستؤمنها لها تركيا للالتفاف على تلك العقوبات. واعتبر وزير الطاقة التركي تانر يلدز، أن من المبكر جداً الحديث عن خفض أسعار الغاز في بلاده هذا الشتاء، داعياً إلى الحديث أولاً عن سدّ العجز في موازنة الغاز الذي تشتريه أنقرة من موسكو، ومشيراً إلى أن هذا الخفض قد يُحدث فارقاً بالنسبة إلى المستهلك التركي ولو بعد حين. كما أن الخلاف على ملف استخدام العملات المحلية أدى إلى تأجيل موعد وصول حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 بليون دولار، من 2020 إلى 2023. ولم تنل أنقرة وعوداً حازمة بإشراك شركات تركية بقوة في عمليات البناء والتحضير لكأس العالم لكرة القدم في روسيا عام 2018، كما اعتبر بوتين أن هناك عراقيل بيروقراطية كثيرة يجب حلّها أولاً قبل البحث في اتفاق للتجارة الحرة تطمح إليها أنقرة. وحذر خبراء اقتصاديون أتراك وأصحاب شركات سياحية، من أن تراجع سعر الروبل سيؤثر سلباً وفي شكل كبير في القدرة الشرائية للروس من تركيا، وزياراتهم السياحية، معتبرين أن الأمر قد يبطل مفعول اتفاق لزيادة عدد السياح بين البلدين. وحاولت وسائل إعلام مقرّبة من الحكومة التركية التغطية على زيارة بوتين الذي أعلن دعمه الرئيس السوري بشار الأسد قبل وصوله إلى أنقرة، مروّجة مقولة أن «الصداقة بين أردوغان وبوتين تجعل الغرب يرتجف»، كما عنونت صحيفة «صباح». وركّزت على أن آفاق التعاون الاقتصادي بين موسكووأنقرة ستكون أفضل ردّ على «الغرب الأرعن والمتعجرف»، متجنبةً التطرّق إلى الملف السوري. وعلمت «الحياة» من مصادر في الخارجية التركية، أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ناقش مع نظيره التركي مولود شاووش أوغلو نتائج زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو، وكذلك زيارة وفد من المعارضة. وقالت المصادر إن لافروف طرح على أنقرة عقد مؤتمر «موسكو 1» بدل «جنيف 3»، مشيرة إلى أن تركيا لم تعترض على الفكرة، في إشارة إلى استعدادها لقبول حلول وسط في سورية من أجل وقف إراقة الدماء وتخفيف الأعباء الاقتصادية والإنسانية للاجئين عن كاهل أنقرة، مع تمسكها بضرورة رحيل الأسد في نهاية المطاف.