أوضح وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة أن الدولة لم تأل جهداً منذ بواكيرها في دعم المشهد الثقافي مادياً ومعنوياً، «ومن ذلك الدعم السخي من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأندية الأدبية بواقع 10 ملايين ريال لكل نادٍ». وزاد: «إن الدولة لم تترك وسيلة إلا وحاولتها ولم تدع مناسبة إقليمية أو دولية إلا وكان لها الحضور اللائق من خلال مثقفيها، الذين شكلوا وعلى مر تاريخ هذه البلاد العزيزة هذه الكوكبة الطليعية على مستوى الوطن العربي»، مبيناً أن الاحتفال بمرور 40 عاماً على إنشاء أول نادٍ أدبي في المملكة «يزيد من عبء المسؤولية الأدبية والالتزام الأدبي على كل أديب، فالمركاز الذي كان يحتضنهم في المقاهي آنذاك أمسى منتدى أدبياً ومجلساً من مجالس العلم يغشاه مريدو الثقافة والأدب، فدور المثقفين ليس في إنتاج الأدب والثقافة وحسب، بل الأهم من ذلك إنتاج المؤسسات والجمعيات الوطنية والأهلية». وأشار خوجة، في ليلة احتفاء نادي جدة الأدبي بمناسبة مرور 40 عاماً على تأسيسه مساء الخميس الماضي وفي حضور الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل وعدد كبير من المثقفين والأدباء وقدّم للحفلة الإعلامي خالد البيتي، إلى أن نادي جدة الأدبي الثقافي «كان وما زال صاحب سبق في تعزيز دور الهوية الثقافية والأدبية في تنمية الوحدة والانتماء الوطني، ليصبح بذلك ملاذاً مفتوحاً لجميع مثقفي ومثقفات هذه المدينة الحالمة وتشجيع المواهب الأدبية وتنميتها لتوثيق أواصر الصلات مع الأدباء والمثقفين ودعم نتاجهم الأدبي والثقافي، وأن النادي أسهم طوال مسيرته الأربعينية في إصدار كم كبير من الكتب والمطبوعات بجانب الدوريات المتخصصة، وكذلك الأنشطة المنبرية المنتظمة كالمحاضرات والندوات والأمسيات والملتقيات»، منوهاً بجهود الأمير الراحل فيصل بن فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - في إنشاء الأندية الأدبية بمختلف مناطق المملكة، ولابنه من بعده الأمير نواف بن فيصل في رعاية الشباب ولكل من أعطى من وقته وماله وجهده وعمره لكي تقوم هذه الأندية الأدبية بالأدوار المنوطة بها، وأن تكون هذه الاحتفالية سنة طيبة يحتذى بها في تكريم من لهم الحضور الفاعل في المشهد الثقافي والأدبي في المملكة». وفي الحفلة نفسها أكد الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل ريادة نادي جدة الأدبي الثقافي عندما وضع الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز رحمه الله لبنته الأولى في عام 1395ه. وقال الأمير نواف إن السعي الجاد للأمير فيصل بن فهد «ومباركته لخطوة إنشاء النادي الثقافي بجدة، ثم اتساع هذه الخطوة لتشمل بقية مناطق المملكة، كان في الواقع من منطلق قناعة حقيقية وإيمان منه رحمه الله أن الأدب والثقافة والفكر هي ركائز ذات قيمة وأهمية ومكانة في سيرة الأمم التي تنشد التطور والنهوض ومواكبة ركب الحضارة، فحضر المثقف والأديب والمفكر السعودي في المحافل الدولية، وكان نتاجهم الأدبي والثقافي والفكري ثرياً ومميزاً»، مبيناً أن التحديات التي تواجه الشباب في هذه الحقبة «تختلف عن التحديات التي واجهتها الأجيال السابقة، وأن تحدي العولمة وآلياتها التي تعني هيمنة قطب أو أقطاب على العالم وتصدير ثقافتها من خلال فرضها تحت شعارات عدة من أهم التحديات التي تؤثر في سلوك الأفراد وتزداد يوماً بعد يوم، إلى جانب التحديات التي تنبثق من خلال المجتمع المسلم، منطلقة بالشباب أنفسهم وتتمثل في العوامل المحيطة التي تؤثر في ثقافة الشباب وتوجهاتهم الفكرية والسلوكية، التي تعمل على إحداث اضطراب في مسار وسلوك الشباب والتزامه بخصائصه الإسلامية التي شرف الله بها هذه الأمة المسلمة». وأوضح الرئيس العام لرعاية الشباب أن الثقافة حياة ونبض للوعي وصقل للفكر «ومن هذا المنطلق فإن الأندية الأدبية قادرة على مسايرة العالم الجديد، بحيث تؤسس مناشطها وبرامجها على مفاهيم التعاون والتكامل وأساليب الحوار والتفاهم والبناء المتكافئ، لا أن يبنى على مفاهيم الصراع والعداء والاستعلاء وإلغاء الآخر، ويؤكد ذلك ويدعمه حقيقة أن المشكلات والقضايا الكبرى التي تواجه هذا العالم الجديد هي بالضرورة ذات طابع عالمي وأبعاد كونية، ولا يملك جانب واحد مهما أولى من العلم والتقدم والتطور أن يواجهها منفرداً، وإننا جميعاً سنعمل على إيجاد شراكة بين الأندية الأدبية والرياضة لأن الفكر هو إكمال لرياضة الجسم، وبمشاركتكم فلا بد أن نكون متضامنين في مواجهة مشكلات ملحة مثل الإرهاب والتطرف أياً كان نوع هذا التطرف والفكر الدخيل، وقضايا البيئة والمخدرات والأمراض والجهل». وأشاد الأمير نواف بالأديب والمثقف الراحل عزيز ضياء الذي «أضاء للأمير فيصل بن فهد فكرة إنشاء الأندية الأدبية بالمملكة، فله الدعاء بالمغفرة وأن يتقبل الله هذا في ميزان حسناته». وشكر الرئيس العام لرعاية الشباب وزير الثقافة والإعلام عبدالعزيز خوجة «وجميع الأدباء والمثقفين المخلصين في بلادنا الذين أسهموا بنتاج تضمه المكتبات في الداخل والخارج، وكذلك أعضاء مجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي بمحافظة جدة على خطوتهم المباركة بتكريم مؤسس الأندية الأدبية»، متمنياً أن تتكلل جهود العاملين في هذا النادي العريق بما فيه خير وصالح شباب الأمة ويعزز مكانتها. في حين أشاد الرئيس السابق للنادي الأديب عبدالفتاح أبومدين في كلمته بدور الأمير الراحل فيصل بن فهد، وقال: «إن نادينا يحتفي في ليلة مباركة بمناسبة مضي أربعة عقود ربيعية على تكوينه ولله المنّة والثناء والجميل، وذلك من خلال إدارة طموحة جادة لتحقيق المزيد من الإنجاز الثقافي الذي يرقى بطموحات ثلة متعاونة مباركة أعانهم الله ووفقهم إلى سواء السبيل». ورحّب رئيس النادي الحالي عبدالله السلمي في كلمته بالأمير نواف والوزير خوجة، واستعرض مسيرة النادي وكيف تأسس. وفي الحفلة تجول خوجة والأمير نواف في الخيمة الثقافية التي تضم جناح الأديبين محمد حسن عواد وعزيز ضياء واطلع على محتويات الجناح، كما تجولا على جناح الفنون التشكيلية وورش الخط العربي والمقتنيات والوثائق والصور التي تمثل أهم مراحل تاريخ مسيرة النادي. ودشنا القناة التوثيقية للنادي على «يوتيوب». وفي ختام الحفلة تسلم الأمير نواف درعاً تذكارية من وزير الثقافة والإعلام تخليداً لذكرى والده الأمير فيصل بن فهد وجهوده البارزة في إنشاء الأندية بالمملكة. وتم تكريم روؤساء النادي السابقين، فيما تسلم الوزير خوجة هدية تذكارية من رئيس النادي.