لندن، جنيف، لاهاي، بيروت - «الحياة»، رويترز، أ ف ب - انتهت الجولة الأولى من المفاوضات بين وفدي «الائتلاف الوطني السوري» المعارض والنظام في جنيف أمس، من دون تحقيق أي تقدم ملموس «أو إنقاذ مواطن سوري واحد». ووافقت المعارضة على اقتراح المبعوث الدولي- العربي الأخضر الإبراهيمي على استئناف المفاوضات في العاشر من شباط (فبراير) الجاري، في حين طلب الوفد الحكومي وقتاً ل «التشاور» مع رؤسائه، قبل قبول مبدأ العودة إلى جنيف. وقال رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا في مؤتمر صحافي أمس: «باستثناء موافقتهم المبدئية على مرجعية جنيف1، لا يمكن الحديث عن أي التزام جدي من قبل ممثلي الأسد»، مؤكداً حصول المعارضة على «وسائل الدفاع» على الأرض. وقال: «ربطنا سلفاً حضورنا جنيف2 بتوفير وسائل الدفاع عن شعبنا على الأرض. أطمئنكم بأن تعهدات الدول أصبحت نافذة»، مضيفاً: «سيزداد التسليح الدفاعي لثوارنا المدافعين عن عرضنا وكرامتنا كمّاً ونوعاً حتى يلتزم النظام بحرفية جنيف1 الذي يمهد إلى تجريد بشار الأسد من كل صلاحياته». وتابع: «لم تكن العملية سهلة علينا (...)، كنا كمن يتجرع السم والمجرم يقتل نساءنا وأطفالنا وشبابنا وشيوخنا. ولكننا عبرنا النفق الأسود نحو هدف أساس كنا عقدنا العزم على إنجازه، وقد أنجزناه وانكشف الأسد ونظامه، ونلنا الدعم الدولي الذي أردناه». وحمّلت «النواة الصلبة» من «مجموعة أصدقاء سورية» نظام الأسد مسؤولة عن عدم إحراز تقدم في الجولة الأولى، وقالت في بيان بعد اجتماع ممثليها في جنيف أمس: «النظام مسؤول عن عدم إحراز تقدم حقيقي في الجولة الأولى من المفاوضات. عليه ألا يعرقل المفاوضات الأخرى الجوهرية، وعليه أن يشارك على نحو بنّاء في الجولة الثانية من المفاوضات». وشددت على أن المفاوضات ترمي إلى «تشكيل ومن دون تأخير هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة تشرف على أجهزة الأمن والجيش». وفي واشنطن، اكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان، أن «مجلس الأمن بوحدته هو القادر على فتح أدوات نحو الحل في سورية»، معتبراً أن «جنيف2 لم ينقذ حياة مدني واحد في سورية». وقال فيلتمان العائد لتوه من جنيف في محاضرة أمام معهد الشرق الأوسط في واشنطن أمس: «بعد عشرة أيام في مونترو للأسف ليس هناك انعكاسات على الأرض». وزاد: «شاركت في الأربعة أيام من المحادثات في جنيف التي توقفت على أمل استئنافها في 10 شباط (فبراير)، بسبب عوامل داخلية وإقليمية، فكان من الصعب حصد زخم وراء المسار السياسي أو الدفع باتجاه خطوات مثل حظر السلاح». وأضاف: «فقط مجلس الأمن الدولي وبوحدته يمكن أن يفتح الباب أمام مثل هذه الأدوات في سورية». وكان الإبراهيمي قال في مؤتمر صحافي إنه اقترح أن تستأنف المفاوضات «بالاستناد إلى أجندة واضحة، وأن نلتقي في العاشر من شباط»، مشيراً إلى أن وفد الحكومة قال إنه «يحتاج إلى التشاور مع دمشق أولاً». وأضاف: «الهوة بين الطرفين لا تزال كبيرة، لا يمكن ادعاء عكس ذلك. لكنني لاحظت خلال محادثاتنا أن هناك أرضية صغيرة مشتركة لعلها أكثر مما يدركه الطرفان». وقال إنه استخلص عدداً من الأمور، بينها أن الطرفين «ملتزمان مناقشة التطبيق الكامل لبيان جنيف للوصول إلى حل سياسي، وأن الطرفين يعرفان أنه «للوصول إلى تطبيق بيان جنيف عليهما التوصل إلى اتفاق دائم وواضح على وضع حد للنزاع وعلى إقامة هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية، بالإضافة إلى خطوات أخرى أبرزها الحوار الوطني وإعادة النظر في الدستور والانتخابات». من جهته، رأى عضو وفد المعارضة لؤي صافي أن «التقدم الوحيد» الذي حصل في جولة المفاوضات هو «إلزام النظام بالتفاوض». وقال صافي في مؤتمر صحافي عقده بعد انتهاء الجلسات المشتركة بين الوفدين: «التقدم الوحيد الذي حصل هو إلزام النظام بالتفاوض ضمن إطار جنيف». في المقابل، أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن المفاوضات لم تحقق «نتائج ملموسة» خلال أسبوع. وقال في مؤتمر صحافي عقده بعد انتهاء جولة المفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريين: «للأسف، لم نتوصل إلى نتائج ملموسة خلال هذا الأسبوع من الحوار». في غضون ذلك، لقي نحو 1900 شخص مصرعهم في سورية منذ بدء «جنيف 2» للبحث عن حل للأزمة في 22 الشهر الماضي، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أفاد أن مقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة سيطروا على قرية سويسة في ريف القنيطرة الجنوبي بين دمشق والجولان المحتل «إثر اشتباكات عنيفة مع القوات النظامية في محيط القرية وأنباء عن مقتل وجرح أكثر من 30 عنصراً من القوات النظامية وإعطاب دبابتين للقوات النظامية وعربة ناقلة جنود». كما حقق مقاتلو المعارضة تقدماً في وسط البلاد. وأعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عقب قمة مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في قاعدة برايز نورتن العسكرية (بريطانيا)، أن البلدين سيجريان عمليات مشتركة لرصد تحركات المتطرفين الإسلاميين ضد النظام السوري الذين سيشكلون تهديداً أمنياً عند عودتهم إلى أوطانهم. وفي لاهاي، أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أمس ضرورة تسريع وتيرة إخراج الأسلحة الكيماوية من سورية بعد التأكد من أنه لم يتم نقل سوى أقل من خمسة بالمئة من الأسلحة الأكثر خطورة حتى الآن. ونقل بيان نشر أمس عن المدير العام للمنظمة أحمد أوجومجو، قوله خلال اجتماع لمجلسها التنفيذي الخميس إنه «يجب بالتأكيد تسريع وتيرة العملية». وفي نيويورك تكثفت التحركات لإعداد مشروع قرار «إنساني» يدعو الى فك الحصار عن المناطق المحاصرة في سورية وإيصال المساعدات العاجلة الى المنكوبين والمحاصرين، في وقت طالبت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية فاليري آموس ب»فك الحصار فوراً عن حمص القديمة وإجلاء النساء والأطفال والمتقدمين في السن منها». وقال ديبلوماسي غربي في مجلس الأمن إن «المشاورات تكثفت في شأن مشروع القرار بين دول غربية وعربية وأعين الجميع مركزة على تحقيق تقدم سريع في شأن الأزمة الإنسانية». وأوضح أن مشروع القرار «سيكون مرتكزاً على بيان مجلس الأمن الأخير الذي دعا الى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وحض الحكومة السورية على التعاون التام مع جهود الأممالمتحدة». وطالبت آموس في بيان فور انتهاء جولة المفاوضات في جنيف بإعلان هدنات إنسانية أو وقف إطلاق نار موقت في الأماكن المحاصرة في سورية. وقالت إن «المفاوضات لا تزال مستمرة للتمكن من إيصال المساعدات الى حمص القديمة وإجلاء النساء والأطفال والمتقدمين في السن وهذا يجب أن يحدث فوراً». وحملت آموس الحكومة السورية، من دون أن تسميها، المسؤولية عن إخفاق التوصل الى اتفاقات تتيح إدخال المساعدات الى الحسكة والغوطة الشرقية. وأوضحت أنه «في المناطق المحاصرة في شمال غربي الحسكة نحاول ان نتوصل الى اتفاق مع الحكومة لإيصال مساعدات عبر الحدود العراقية بعدما توصلنا الى اتفاق مع بغداد لكننا ننتظر الاتفاق مع الحكومة السورية». وأكدت آموس أن فريقاً للأمم المتحدة زار المنطقة الأسبوع الماضي «وشهد أن الناس لا يملكون الطعام». وقالت «في الغوطة الشرقية حصلنا على ضمانات مكتوبة من المجموعات المعارضة بأنهم سيسمحون للمساعدات بالدخول ولكننا لم نحرز تقدماً».