من أكثر الأسئلة المحيّرة التي تواجه مؤرّخي الموسيقى الكلاسيكية هو ما إذا كان المؤلف الموسيقي الايطالي أنطونيو سالييري قد سمّم المؤلف الموسيقي النمسوي فولفغانغ موتسارت بالزرنيخ. لم يترك فيلم «أماديوس»، الذي أخرجه ميلوش فورمان عام 1984 والمأخوذ عن مسرحية بيتر شافر، أدنى شك في أن سالييري فعلها. والآن بدأ متحف موتسارت الذي يحفظ تراث الموسيقي النمسوي الشهير (1756-1791) حملة لرد الاعتبار إلى سالييري وتأكيد سيرته كداعم للعبقري النمسوي الشاب لا كقاتل حقود. في معرض جديد مقام في «موتسارتهاوس» حيث عاش الموسيقي النمسوي وعمل أواخر القرن الثامن عشر، يظهر سالييري كرجل موهوب كريم خفيف الظل، كان يمتدح تلاميذ ويكرّمهم، من بينهم لودفيغ فان بيتهوفن وفرانتس شوبرت. والمشكلة كما يقول القائمون على متحف موتسارت، هي أن عدداً كبيراً من الناس يعتقدون أن سالييري هو العقل المدبّر الشرير استناداً إلى الانطباع الذي خرجوا به من مسرحية شافر عام 1979 التي حولها المخرج التشيخي إلى فيلم وصورها في براغ ومناطق حولها، لأن أجزاء كثيرة منها تشبه ما كانت عليه الأوضاع في زمن موتسارت. وقال مدير متحف موتسارت، غيرهارد فيتيتش: «نريد ببساطة أن ننقل المعرفة إلى الناس ونظهر لهم سالييري الحقيقي والابتعاد عن صورة مغرقة في الخيال». وكانت موهبة سالييري الذي ولد في شمال ايطاليا عام 1750 وانتقل إلى فيينا وهو في الخامسة عشرة، جعلته مقرّباً من البلاط وكتب للأوبرا وألّف عروضاً أخرى للمسرح، كما ألّف موسيقى وطنية ودينية إلى جانب التدريس. ويقول المؤرخ الموسيقي وأمين المتحف أوتو بيبا إن مراسلات أفراد الأسرة كشفت أن ليوبولد والد موتسارت هو الذي كان يرى في سالييري خطراً على تقدم ابنه الشاب. وقال بيبا لأعضاء وفد إعلامي زار المتحف: «كان موتسارت، مع وجود استثناء واحد، يكتب أشياء ايجابية عن سالييري. لقد تضايق مرة واحدة لكنها كانت مضحكة. أما ليوبولد، فكان يعبّر باستمرار عن ضيقه من سالييري وآخرين. لقد كان سالييري شخصاً يمكن أن يقف في طريق ابنه وكان عليه أن يجعله يظهر في صورة سيئة». وقالت أمينة المعرض إنغريد فوخ إن الدليل الأكبر على براءة الموسيقي الإيطالي وقربه من الموسيقي النمسوي هو أن كونستانز زوجة موتسارت قررت أن ترسل ابنها الذي ولد بعد عام من وفاة زوجها إلى سالييري ليدرّبه. وقالت: «أعتقد أن هذا يقضي على كل التكهنات. ما من أم سترسل ابنها ليتعلم على يد الرجل الذي يزعم أنه سمّم زوجها. هذا دليل قوي جداً».