لم تقطع مصادر سياسية مواكبة للمشاورات الجارية لتشكيل الحكومة اللبنانية، الأملَ في إمكان التغلب على عقدة تمثيل «تكتل التغيير والإصلاح» النيابية برئاسة ميشال عون فيها. وتراهن على أن تمديد المهل لفترة زمنية إضافية يمكن أن يساهم في إنجاح الوساطة التي يقوم بها «حزب الله» لديه، في ضوء استبعاد حكومة حيادية أو جامعة بمن حضر. وتؤكد المصادر نفسها أن جهات نافذة في «التيار الوطني الحر» كانت وراء تسريب معلومات عن رغبة عون في أن يتمثل بحقائب وزارية عدة أبرزها المال. وتقول إنه يحاول الحصول على الطاقة في مقابل تخليه عن المال لاعتقاده أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يتنازل عنها. وتضيف المصادر أن جهات سياسية دخلت على خط الوساطة بين «حزب الله» وعون وأخذت تروّج لإسناد الخارجية الى «تكتل التغيير» من دون موافقة الرئيس المكلّف تمام سلام. وتعتقد أن طرح إسناد الخارجية الى «تكتل التغيير» يهدف الى جس نبض الأخير لاستكشاف ما إذا كان يريد فعلاً الموافقة على تطبيق المداورة في توزيع الحقائب شرط التعويض عليه بحقائب خدماتية أو أنه سيعلن عزوفه عن الاشتراك. وترى أنه لم يعد من جدوى للمراوحة وأن تأجيل حسم الموقف من تشكيل الحكومة الى مطلع الأسبوع المقبل سيفسح أمام تكثيف الاتصالات في اتجاه «تكتل التغيير» انطلاقاً من وجود شعور لديه بأن هناك من يريد تهميشه وأن سلام لم يتواصل معه على رغم أنه المعني الأول بولادة الحكومة. وإذ تخشى المصادر عينها من تراجع منسوب المشاورات ما لم يقتنع عون بأن هناك حاجة محلية ودولية وإقليمية لقيام حكومة جامعة، فإن مصادر قيادية في «14 آذار» تؤكد أنها ليست طرفاً في الاتصالات وأن الكرة الآن في مرمى قوى 8 آذار التي يتوجب عليها التفاهم على توزيع حصتها في التركيبة الوزارية. لكن المصادر المواكبة لاحظت أمس غياب أي تواصل على صعيد المكونات الرئيسة المدعوة للمشاركة في الحكومة. ورأت أن هناك مشكلة في التواصل بين سلام وعون، وسألت عن الأسباب الكامنة ذلك، وقالت إن رئيس الجمهورية ميشال سليمان يقوم بجهد فوق العادة لإنضاج الظروف المواتية للتشكيل لكن لا يمكنه أن ينوب عن الرئيس المكلف الذي بيده الحل والربط. وأكدت أن وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور يتواصل باستمرار مع الرؤساء سليمان وبري وسلام والمعاون السياسي للأمين العام ل «حزب الله» حسين الخليل، لكن تشكيل الحكومة لا يتم عبر اعتماد الوساطات المتنقلة بدلاً من تواصل سلام المباشر. وشددت المصادر على حاجة التواصل المباشر بين سلام وعون الذي يتزعم ثاني أكبر كتلة برلمانية وأكبر كتلة نيابية مسيحية، وسألت: كيف يمكن توفير الغطاء للحكومة من دون عون وإصرار حزب «القوات اللبنانية» على عدم الاشتراك فيها؟ وقالت إن وجود حزب «الكتائب» فيها ضروري لكنه غير كاف وإلا لماذا تحذر بكركي باستمرار من عدم ميثاقية الحكومة إذا لم يكن فيها تمثيل مسيحي وازن. واعتبرت أن عون يربح حالياً في الشكل بصرف النظر عن شروطه، وبالتالي لا بد من سحب هذه الورقة منه بمبادرة سلام إلى التواصل المباشر مدعوماً بموافقة جميع المكونات المدعوة للمشاركة في الحكومة على تطبيق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب، باستثناء تكتل عون. وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عرض الموضوع الحكومي مع أبو فاعور الذي التقى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن، وقائد الجيش العماد جان قهوجي. وأشار النائب بطرس حرب بعد لقائه السفير الأميركي لدى لبنان ديفيد هيل إلى أن «أمر تشكيل الحكومة شأن لبناني والولايات المتحدة تلتزم احترام سيادة لبنان في التشكيل». ودعا سليمان وسلام إلى «تذليل العقبات توصلاً إلى حكومة جامعة، أما إذا تعثر هذا الأمر، فعلى سليمان وسلام أن يحسما أمرهما وليتحمّل الجميع مسؤولياتهم»، آسفاً «ربط مصير المسيحيين والواقع الاستراتيجي المسيحي بنفط وغاز». وفي المقابل، رأى وزير الدولة علي قانصو «ان فكرة المداورة ليست مقنعة في حكومة لن يتعدى عمرها أشهراً محدودة، كما اننا نتفهم جيداً مطالب العماد ميشال عون لأنه يمثل قوة سياسية وازنة، ولا يجوز ان يكون تمثيله هامشياً». وأعلن وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي ان «عون والتكتل ذاهبان الى حكومة جامعة بالمفهوم الذي يتوافق مع الميثاق والدستور والذي يؤدي الى عدم شطر استحقاق الرئاسة»، ومعلناً انه «لم يعرض حتى تاريخه اي عرض جدي على عون وفقاً لما شرحه». ورأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى أن «هناك مصلحة ملحّة داخل 8 آذار لتشكيل حكومة جديدة»، معتبراً أن «الاختلاف في وجهات النظر والتمايز في أسلوب التفاوض بين مكوناتها أمر طبيعي»، لافتاً إلى أن «المفاوضات مستمرة للوصول الى توافق». وأصر عضو «تكتل التغيير» النائب سليم سلهب على «حكومة سياسية جامعة»، رافضاً «أي حكومة حيادية». ورأى أن «اسلوب الرئيس المكلف حتى الآن لم يؤد إلى أي نتيجة ويجب تصحيح أسلوب التأليف». وقال: «عليه أن يتوجه إلينا مباشرة وليس بالواسطة أو عبر وسائل الإعلام، حتى أنه لم يعطنا أي حل، كل ما يصدر عنه تطمينات في حال قبلنا بالحكومة الجامعة، من دون اي ضمانات أو اقتراحات». وأكد ان «فريقه يريد حكومة جامعة»، وقال: «نحن طالبنا رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بالتباحث معنا كي نذلل الأمور العالقة، لم نقاطع ولم نرفض الأفكار المقدمة إلينا ونحن مستعدون للحوار». وأوضح «ان الرئيس المكلف لم يعرض موضوع المداورة في الحقائب كي نرفض او نقبل»، معتبراً أن «الحديث عن وزارة الخارجية هو أفكار متداولة ولم نسمعه من الرئيس المكلف». وأشار إلى أن «الاتصالات ما زالت مستمرة لأن لا نية حتى الآن بحكومة حيادية»، مشدداً على انه إذا كان «الحوار جدياً بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وبعض الفرقاء، فقد نصل إلى نتيجة». تحرك مدني وفي سابقة من نوعها في لبنان، ولكن هذه المرة في شكل محدود، نظّم المجتمع المدني تحركاً محدوداً على أمل أن يكون واعداً، في ساحة الشهداء للمطالبة بأن يكون «لبنان للجميع لا للتفرقة ولا للسياسي الحالي... نعم للتغيير والحرية والحكومة التكنوقراطية»، «نعم لحكومة من الشعب وللشعب وليس ل8 و 14 لا للزواريب الطائفية... لبنان للكل وهو إلنا ونحن إلو»، في ظل الهاجس الأمني الذي يرخي بأثقال همومه الأمنية على الداخل والشلل السياسي الحاصل. وشكا المشاركون من شبان وفتيات ونساء من غلاء المعيشة والبطالة، مطالبين ب «نواب يمثلون الشعب تمثيلاً حقيقياً»، إيماناً منهم ب «أن المجلس النيابي الحالي الذي مدّد لنفسه لا يمثلهم».