قالت مصادر ديبلوماسية غربية ل «الحياة» أمس، ان دولاً غربية لجأت الى الجانب الروسي لممارسة ضغوط على الوفد الحكومي السوري لتقديم «تنازلات» في المفاوضات الجارية مع وفد المعارضة في المجالين الانساني المتعلق باجراءات بناء الثقة والسياسي المتعلق بمناقشة هيئة الحكم الانتقالية على أساس بيان جنيف الاول. واشارت المصادر الى ان مسؤولاً في الخارجية الروسية عاد قبل يومين الى جنيف، وذلك بعدما اصطحب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مسؤولي الملف السوري معه لدى مغادرته مونترو يوم الاربعاء الماضي. وقالت ان مسؤولاً غربياً قام بزيارة غير معلنة الى موسكو قبل يومين، اضافة الى تأكد لقاء وزيري الخارجية الروسي ونظيره الاميركي جون كيري على هامش مؤتمر الامن في ميونيخ الالمانية بعد ساعات تمهيداً للقاء القمة المقرر بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي باراك اوباما في منتجع سوتشي الروسي بداية الشهر المقبل. وتوقعت المصادر حصول تحرك من قبل الدول الغربية الثلاث، بريطانيا وأميركيا وفرنسا، لإعادة طرح مشروع قرار دولي يتعلق بتوفير ممرات آمنة للمساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة في سورية، علماً ان موسكو كانت حالت مرات عدة دون صدور قرار كهذا، حيث اكتفت الدول ال 15 الاعضاء في مجلس الامن في التوصل الى إجماع على بيان رئاسي. وجاء التحرك الغربي نحو موسكو على خلفية قناعة «النواة الصلبة» التي تضم 11 دولة من «اصدقاء سورية» بعدم تقديم الوفد الحكومي «أي مرونة» في الملفين الانساني والسياسي في مفاوضات جنيف، في وقت واصل ممثلو «النواة الصلبة» اجتماعهم الدوري مساء كل يوم منذ انطلاق المفاوضات بداية الاسبوع الجاري. كما اجتمع السفير الاميركي روبرت فورد مع وفد «الائتلاف» في جنيف امس. واوضح مسؤول أميركي ل «الحياة» ان الجهود مستمرة لتحقيق نتائج على صعيد المساعدات الانسانية، تتعلق ب «توفير وصول المساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة وإطلاق سراح السجناء والتبادلات ووقف إطلاق النار»، لافتاً الى «مسؤولية النظام» عن تسهيل الوصول الى 9.3 مليون شخص «في حاجة ماسة الى المساعدات». وفي بداية مفاوضات جنيف، سعى المبعوث الدولي - العربي الاخضر الابراهيمي الى تحقيق بعض الخطوات ل «بناء الثقة»، مقترحاً إيصال مساعدات الى مدينة حمص في وسط البلاد. واعلن ان «الحكومة السورية ابلغتنا ان النساء والأطفال يستطيعون المغادرة فوراً»، آملاً في دخول قوافل مساعدات الى الاحياء المحاصرة. الا ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر وبرنامج الغذاء العالمي، أكدا ان أي اجراءات لم تتخذ بعد من جانب الحكومة السورية لإتاحة المجال لدخول المساعدات. وقالت ناطقة باسم برنامج الأغذية العالمي إن البرنامج مستعد لتوزيع المساعدات تكفي 2500 شخص ب «مجرد تلقي الضوء الأخضر» من دمشق. في المقابل، اقترحت الحكومة السورية خروج الاطفال والنساء مع تسليم قوائم بأسماء المسلحين. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) عن محافظ حمص طلال البرازي قوله ان «فرق العمل من الشرطة النسائية والأطباء والهلال الأحمر العربي السوري جاهزة لترتيب خروج المدنيين من مدينة حمص القديمة فور وصول رد الممثل المقيم للأمم المتحدة الذي يتابع التنسيق مع «المجموعات المسلحة» داخل المدينة القديمة»، في اشارة الى المقاتلين. وقال المسؤول الاميركي ان طلب الحكومة من «المعارضة ترك مناطق أو تسليم اسلحتها مقابل تسليم مساعدات غذائية او انسانية، ليس عرضاً مقبولاً. اذ لا يمكن إجبار سكان المجتمعات المحاصرة على الخضوع لسيطرة النظام من أجل الحصول على المساعدات الإنسانية»، مشدداً على «الفصل بين التقدم في وصول المساعدات عن المناقشات المتعلقة بوقف اطلاق النار». وقال: «لا يمكن أن تنتظر حتى يتم وقف إطلاق النار، وهي عملية معقدة ومعقدة، لإيصال المساعدات»، لافتاً الى ان «المفاوضات لوقف إطلاق النار يجب أن تشمل إجراءات متزامنة من قبل الطرفين». وكانت مصادر دولية تحدثت عن وجود مئات السيارات الجاهزة لدخول مدينة حمص، بانتظار سماح السلطات السورية. وقال المسؤول الاميركي ان وكالة الاغاثة الدولية هي «الاقدر على تحديد افضل الطرق للوصول الى الوجهات المقصودة. رأينا النظام يدّعي الرغبة في وصول المساعدات الى مخيم اليرموك، في وقت يرغم الاممالمتحدة الى ان تسلك طريقاً أكثر خطورة للوصول إلى المخيم، وبالتالي ضمان عدم قيام القافلة». وقالت مصادر متطابقة ان اميركا ودولاً غربية والمعارضة وضعت «أربع قواعد» للدلالة ما اذا كانت الحكومة جادة بالسماح بالمساعدات الانسانية، وتشمل «الموافقة فوراً على دخول القوافل التي اقترحتها الوكالات الدولية الى حمص ودوما ومليحة (الغوطة الشرقيةلدمشق) ومخيم اليرموك (جنوبدمشق) والمعضمية (جنوب غرب دمشق) وبرزة البلد (شمال العاصمة)، والانخراط في مناقشات جادة لمتابعة وقفة الإنسانية في بعض المناطق، وإزالة شرط الحصول على موافقة مسبقة قبل 72 ساعة لقوافل المساعدات والسماح للوكالات الإنسانية لتحديد أسلم الطرق للوصول إلى وجهاتها المقصودة». وكان السفير فورد قال في خطاب تلفزيوني أمس انه بلاده ستقوم ب «حملة ديبلوماسية لإحراز تقدم في الشأن الانساني»، اضافة الى العمل على «التنفيذ الكامل لبيان جنيف، بما في ذلك إنشاء هيئة الحكم الانتقالي».