قاد الجانبان الأميركي والروسي اتصالات مكثفة في أروقة المؤتمر الدولي في مونترو أمس لجمع وفدي الحكومة السورية والمعارضة في «غرفة واحدة» في المفاوضات المقرر انطلاقها في جنيف يوم غد، ومنع حصول انهيارات سريعة فيها، وتثبيت المتفق عليه في اتصالات سابقة، وقبول تخصيص أربعة مقاعد للكتائب المسلحة في الوفد المعارض. وعلمت «الحياة» أن الدول الداعمة ل «الاتئلاف الوطني السوري» المعارض حددت ستة أشهر سقفاً زمنياً لتشكيل هيئة حكم انتقالية وانها «ستدعم المعارضة بكل الوسائل في حال لم يتحقق ذلك». وحالت الاتصالات الأميركية - الروسية أمس دون انسحاب وفد «الائتلاف» برئاسة احمد الجربا من قاعة المؤتمر لدى إلقاء رئيس وفد الحكومة وليد المعلم كلمته مقابل ضمان بقاء المعلم في القاعة لدى القاء الجربا كلمته، ما أبقى الوفدان السوريان تحت «سقف واحد» وسماع كل منهما الطرف الآخر في شكل مباشر للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات. وكان مقرراً ان تجري المفاوضات المباشرة لبضعة أيام في غرفة واحدة في جنيف يوم الجمعة المقبل، غير أن ذلك لم يعد مضموناً يوم أول من أمس مع وجود اعتراض على العلم الذي سيرفع في قاعة المفاوضات بين رفض الحكومة «علم الاستقلال»، الامر الذي استدعى اتصالات اميركية - روسية اضافية. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية ل «الحياة» إن اتصال الرئيسين الأميركي باراك اوباما والروسي فلاديمير بوتين مساء أول من أمس، استهدف حل «بعض العقد» بحيث انهما اتفقا على جمع الوفد في «غرفة واحدة لفترة تزيد على اسبوع بحيث يجري الاتفاق على جدول الأعمال للمفاوضات قبل تعليقها والعودة ثانية»، خصوصاً بعد ظهور مشكلة مشاركة ممثلي كتائب مسلحة في وفد المعارضة. وأضافت المصادر الديبلوماسية الغربية أن وزيري الخارحية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف استكملا أمس وضع أسس المفاوضات حيث اتفقا على «أهمية جمع الوفدين إلى طاولة واحدة وبدء العملية التفاوضية الطويلة لتشكيل هيئة حكم انتقالية بقبول متبادل وفق بيان جنيف الأول» في حزيران (يونيو) 2012. وزادت أن كيري «نوه بشجاعة المعارضة بحضور المؤتمر، وشدد على اهمية الضغط لتحقيق تقدم في توفير ممرات للمساعدات الانسانية واطلاق سراح السجناء واتفاقات محلية لوقف اطلاق النار». ونقلت عن كيري قوله: «تحقيق تقدم في هذه الأمور ليس بديلاً من الهدف الرئيسي لمؤتمر جنيف2». وشدد على أهمية تسهيل الحكومة وصول المساعدات وإلغاء شرط الحصول على موافقة مسبقة قبل 72 ساعة لقوافل المساعدات وأن تسمح الحكومة لوكالات الاغاثة كي تقرر الطريقة الآمنة لايصال مساعداتها. وأشارت المصادر الديبلوماسية الغربية إلى أن كيري ولافروف خرجا أمس من قاعة المؤتمر وعقدا اجتماعاً ثانياً لوضع «اللمسات الأخيرة» على أمور عملية قبل مغادرة الوزير الروسي مونترو. وتابعت المصادر انه جرى التأكيد على أن أساس المفاوضات هو رسالة الدعوة إلى المؤتمر الدولي وبيان «جنيف1» مع تأكيد قواعد المفاوضات وهي: «ان بيان جنيف، وتحديداً المبادئ والإرشادات، من أجل عملية انتقالية بقيادة سورية، مُلزم سياسياً وقاعدة انعقاد المؤتمر الذي ستسعى الأطراف السورية من أجل تطبيقه في شكل كامل، واحترام الوفدين في شكل كامل للرئاسة والإجراءات المقترحة في شأن إدارة المؤتمر وموافقة الأطراف عليها، وأن المفاوضات ستتوسط فيها الرئاسة، وستتوجه الأطراف في مخاطبة الطرف الآخر من خلال الرئاسة». كما جرى التأكيد أن مداخلات الوفدين يجب أن تكون «ذات علاقة بالموضوع المطروح واستبعاد أي تصرفات استفزازية أو انسحابات وممارسة الطرفين ضبط النفس في اتصالاتهم الخارجية طوال عملية المفاوضات» والحفاظ على سرية المفاوضات. في المقابل، قال مسؤول غربي ل «الحياة» إن ممثلي «النواة الصلبة» في «مجموعة اصدقاء سورية» اجتمعوا أمس للتنسيق في ما بينهم وتنسيق المواقف مع «الائتلاف»، لافتاً إلى أن الدول الداعمة للمعارضة «ليست لديها أوهام، وهي تعرف انها عملية تفاوضية معقدة وشاقة. لكن لن تسمح أن تحيد المفاوضات عن هدفها وهو تشكيل هيئة حكم انتقالية بموجب بيان جنيف الأول ونص الدعوة الموجهة الى الاطراف». وأضاف: «هناك اتفاق على إعطاء الجهود الديبلوماسية فرصة لنحو ستة اشهر لتشكيل هيئة الحكم، واذا لم يحصل هذا، فإن مجموعة اصدقاء سورية ستقدم دعماً كبيراً بكل الوسائل للمعارضة». وفيما يتوقع أن يركّز الوفد الحكومي على موضوع «مكافحة الإرهاب»، فإن وفد المعارضة سيركز على «هيئة الحكم الانتقالية» مع وجود معلومات أن المبعوث الدولي - العربي الاخضر الابراهيمي سيطرح الاتفاق على جدول الاعمال و «اجراءات بناء الثقة». وقال المسؤول الغربي: «يجب ألا تكون اجراءات بناء الثقة بدلاً من المفاوضات لتشكيل هيئة الحكم الانتقالية، وإن عدم بحث هذا الموضوع سيدفع المعارضة الى الانسحاب». وضم وفد المعارضة كلاً من رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا و29 شخصاً بينهم هيثم المالح، نذير الحكيم (جماعة الاخوان المسلمين)، عبدالحميد درويش (رئيس الحزب التقدمي الكردي)، ميشال كيلو، بدر جاموس، انس عبدة (إخوان)، سهير اتاسي، محمد حسام حافظ، هادي البحرة، محمد صبرة، ريما فليحان، أحمد جقل، إبراهيم برو (كردي)، عبيدة نحاس (إخوان)، عبدالأحد اسطيفو، نور الامير، عبدالحكيم بشار (نائب رئيس الائتلاف عن المجلس الوطني الكردي). وقالت المصادر إن «الائتلاف» قرر تخصيص أربعة كراسٍ لممثلي الكتائب المسلحة، بحيث يكون بينها ممثل ل «جبهة ثوار سورية» برئاسة جمال معروف و «جيش المجاهدين»، وهما التكتلان اللذان وافقا على المشاركة في «جنيف2». كما يشارك ضابطان منشقان في المفاوضات التي سيرأسها المالح، رئيس المكتب القانوني في «الائتلاف».