أعلن رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى العراق كارلو سدراليفيتش، أن الماليات العامة في العراق معرضة في شكل متزايد للتأثر بهبوط أسعار النفط، وقد تواجه الحكومة صعوبة في تمويل خطة موازنة هذه السنة. وأضاف: «توجد مشكلة هيكلية، إذ تعتمد السياسة المالية في شكل كبير ومتزايد على إيرادات النفط، وهذا الاتجاه يبعث على القلق لأن سعر النفط الذي يحقق التوازن بين الإيرادات والنفقات في ازدياد منذ بضع سنوات». وأشارت تقديرات الصندوق في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى أن العراق، الذي يعتمد على صادرات النفط الخام لتأمين نحو 93 في المئة من الإيرادات الحكومية، كان يحتاج متوسطاً لسعر برميل يبلغ 106.1 دولار عام 2013 لضبط موازنته، مقارنة ب 95 دولاراً عام 2011 نظراً إلى زيادة النفقات. ولكن خام «برنت» يراوح حالياً عند 107 دولارات للبرميل، ويُتوقع أن يتراجع تدريجاً إلى 103 دولارات هذه السنة و100 دولار عام 2015، مع استمرار تمتع السوق بإمدادات جيدة في ظل طفرة النفط الصخري في الولاياتالمتحدة وزيادة إنتاج العراق، وذلك وفق استطلاع أجرته وكالة «رويترز» لآراء محللين. ولفت سدراليفيتش إلى أن «المصدر الآخر للقلق يتمثل في عدم مرونة الإنفاق، فهناك جوانب كثيرة من الإنفاق الجاري، وعندما لا تجد له الحكومة إيرادات كافية ينتهي الأمر بها إلى خفض الاستثمارات، ما يؤثر سلباً في النمو في الأجل البعيد». ورأى صندوق النقد أن موازنة العراق تحولت إلى عجز بلغ 0.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، وهو الأول منذ العام 2010، مقارنة بفائض 4.1 في المئة عام 2012. ولفت سدراليفيتش إلى أن «مسودة موازنة هذه السنة، التي يناقشها البرلمان حالياً، تشمل زيادة كبيرة في الإنفاق في صورتها الحالية وقد يواجه العراق صعوبة في تمويلها». وكان وزراء انسحبوا في وقت سابق هذا الشهر من جلسة للحكومة بسبب خلافات على الإيرادات في شأن مسودة الموازنة التي تقدر بنحو 174.6 تريليون دينار (150.1 بليون دولار). وقال رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي حيدر العبادي في تصريح الى وكالة «رويترز»: «الموازنة التي ضخمها الإنفاق الإضافي ستنهار إذا استمرت الحكومة في دفع حصة إقليم كردستان في شمال العراق البالغة 17 في المئة من الإيرادات النفطية على رغم احتجاز الأكراد عائدات تصدير النفط». وأضاف «مسودة الموازنة تتوقع عجزاً مقداره 21 تريليون دينار، بافتراض أن يسدد الأكراد للخزينة إيرادات صادرات نفط مقدارها 400 ألف برميل يومياً». وأكدت مصادر في قطاع النفط أن هذا الهدف أعلى كثيراً من الطاقة التصديرية الحالية لكردستان التي تبلغ نحو 255 ألف برميل يومياً. وكان الصندوق انتقد العراق في تقرير سابق بسبب ضعف تخطيط الموازنة وتنفيذها، والإنفاق الزائد وضعف معدلات تنفيذ الاستثمارات. وقال سدراليفيتش «العراق يجب أن يضمن استقلال البنك المركزي عن سياسة الحكومة ويبقي إدارة الاحتياط الخاص به منفصلة عن صندوق تنمية العراق». وأشار إلى أن احتياطات صندوق تنمية العراق، الذي تستخدمه الحكومة لمشاريع الاستثمارات العامة، بلغت 6.5 بليون دولار نهاية عام 2013، مقارنة ب18.5 بليون عام 2012. إلى ذلك أعلن نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني أمس، أن بلاده تخطط لزيادة طاقة إنتاج النفط إلى 4.7 مليون برميل يومياً عام 2015، بعدما تجاوزت بالفعل مستوى ثلاثة ملايين برميل يومياً. وقال خلال مؤتمر في لندن «الخطة الطويلة الأجل ترمي إلى زيادة الإنتاج إلى تسعة ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020، والحفاظ على ذلك المستوى ل 20 سنة».