نجاح تنظيم «داعش» في إدامة معاركه وعلى أكثر من جبهة وفوق أراض تابعة لدولتين هما العراق وسورية وفي مواجهة دول عدة، يثبت حقيقة إن مصادر تمويل التنظيم كبيرة ومتنوعة. وبحسب المعطيات فهناك مصدران الأول داخلي والثاني خارجي تورطت فيه الكثير من الجهات، بما فيها مراكز طبية ومنظمات ومافيا اتجار بالبشر والنفط. التمويل الداخلي وبحسب مصادر في الموصل، خصصه التنظيم لتشجيع مقاتليه سواء المحليين أو الأجانب باعتباره عامل جذب مهم لحضهم على الانخراط في صفوفه واستمرارهم في القتال. وسيطر تنظيم «داعش» على مدينة الموصل في العاشر من حزيران (يونيو) الماضي قبل أن يوسع سيطرته على مناطق شاسعة في الثالث من آب (أغسطس) الماضي. ويؤكد أهالي الموصل أن تجارة النفط المستخرج من آبار يسيطر عليها التنظيم في العراق وسورية، مكنته من الحصول على تمويل ثابت، كما أنه فتح خطوط تجارة النفط عبر إقليم كردستان وتركيا بمساعدة تجار أكراد وأتراك وإيرانيين. المصدر الثاني للتمويل إضافة لعمليات بيع النفط هو فرض الإتاوات على السكان حيث بدأ عناصره بجباية مبلغ 50 ألف دينار عن كل عائلة مقابل ما أسموها أجور خدمات وحماية ويتضاعف المبلغ على العائلات التي امتنعت عن تقديم أحد أبنائها للقتال مع «داعش». وقال أحد وجهاء عشائر نينوى،الشيخ محمد أبو ذياب، إن«عصابات داعش، فرضت إتاوة بقيمة 50 ألف دينار عن كل عائلة لم تقدم أحد أبنائها للعمل في تلك العصابات الإرهابية». في هذا الوقت أكدت مصادر من داخل المدينة أن أسعار الوقود ارتفعت إلى معدلات جنونية، حيث وصل سعر أسطوانة غاز الطبخ إلى 75 ألف دينار وسعر ليتر الكاز إلى 5 آلاف دينار أما أسعار المواد الغذائية فشهدت هي الأخرى ارتفاعاً بمعدل أربعة إلى عشرة أضعاف. المصدر الثالث للتمويل الداخلي كشف عنه الطبيب سيروان الموصلي المختص بجراحة الأنف بالقول إنه لاحظ مؤخراً حركة غريبة داخل المؤسسات الطبية في مدينة الموصل، حيث تمت الاستعانة بجراحين أجانب وعرب منعوا من الاختلاط بالأطباء المحليين. وقال الطبيب إن معلومات تسربت عن وجود عمليات بيع أعضاء وتتم الجراحة إما داخل المستشفى أو نقلها للخارج بشكل سريع عبر الاستعانة بشبكات متخصصة بالإتجار بالأعضاء البشرية، مشيراً إلى أن مصدر الأعضاء من قتلى التنظيم الذين يتم نقلهم في شكل سريع إلى المستشفى، ومن مصابين يتم التخلي عنهم ومخطوفين». ونوه إلى أن عمليات بيع الأعضاء تدر على التنظيم مبالغ كبيرة وتتورط فيها مافيا متخصصة وحتى مؤسسات صحية تعمل في دول أخرى، ومن دون وجود تنسيق مع هذه الجهات لا يمكن إدامة هكذا نوع من التجارة «. وبحسب المفوضية العليا لحقوق الإنسان، يقوم التنظيم ببيع الجثث وأعضاء الجرحى الذين يعتقلهم. المصدر الرابع هو تحويل مدينة نينوى المحاذية للحدود التركية إلى مركز جديد للاتجار بالمخدرات. وأكدت الهيئة الفيديرالية الروسية للرقابة على المخدرات، أن تنظيم داعش يتحصل على دخل ضخم من تهريب وتسويق الهيروين الأفغاني والمتجه عبر الأراضي العراقية إلى أوروبا. وقالت الهيئة في بيان لها إن «تهريب الهيروين الأفغاني وعلى نطاق واسع يدر أموالاً على «داعش»، الذي يحصل على مداخيل هائلة من تأمين نصف حجم الهيروين المصدر إلى أوروبا عبر العراق وبعض دول أفريقيا غير المستقرة». صحيفة «تايمز» البريطانية كشفت بدورها عن سوق لتجارة البشر أقامه «داعش» في الموصل، يباع فيه الأطفال والنساء مقابل مبالغ مالية تمثل أحد مصادر الدخل والتمويل لمقاتليه. وبحسب الصحيفة فإن سوقاً أخرى أقيمت في مدينة الرقة، وفي كلتيهما يباع الأطفال والنساء من الطائفتين الإيزيدية والمسيحية والأقليات الأخرى. تقرير للمفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أكد أن أكثر من 25 ألف امرأة وطفل سجنوا وانتهكوا جنسياً وبيعوا بوصفهم سبايا حرب وملك لمسلحي «داعش». المصدر السادس حركة التهريب سواء تهريب البشر من العوائل الراغبة بالهجرة لدول أخرى، وبحسب إحدى العوائل التي تمكنت من بلوغ تركيا فإنها دفعت عن كل فرد مبلغ 8 آلاف دولار. كما يتم تهريب المواشي التي استولى عليها التنظيم خلال عمليات احتلال قرى تقطنها أقليات إيزيدية وتركمانية وشيعية. وبحسب علي عبد الرزاق فان أغلب هذه القرى كان أهلها يمتهنون الرعي وتربية المواشي بإعداد كبيرة. وحتى الآن لم يتم إحصاء ما تم الاستيلاء عليه من أموال من المهجرين باعتبارها غنائم حرب. أما في شأن التمويل الخارجي فقد طور التنظيم أساليب يصعب الكشف عنها حتى في ظل وجود رقابة محلية ودولية صارمة، ومن هذه الأساليب استخدام التجارة الخارجية الاعتيادية، فهناك شبكات تابعة للتنظيم مهمتها جمع التبرعات من متشددين أغنياء تحت ذريعة دعم الجهاد. وبحسب مصادر تجارية، فقد بدأت بعض البضائع تتدفق على الأسواق بأسعار رخيصة مقارنة بأسعارها حتى في بلدان المنشأ، ما يشير إلى عمليات غسيل أموال.