كرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في تصريحاته لوسائل الإعلام العبرية أمس ارتياحه العميق لنتائج «قمة نيويورك» وترحيبه الحار بالتصريحات التي أدلى بها الرئيس باراك اوباما قبل انعقاد القمة وفي خطابه أول من أمس في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، متباهياً بتبني الإدارة الأميركية والرئيس اوباما شخصياً «مواقف بالغة الأهمية وحيوية لإسرائيل»، في مقدمها المبدآن الإسرائيليان اللذان أكدهما نتانياهو في خطابه في جامعة «بار ايلان» في حزيران (يونيو) الماضي: الاعتراف الفلسطيني بيهودية إسرائيل، واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين من دون شروط مسبقة. وأرفق نتانياهو هذا الارتياح بتأكيد الموقف الإسرائيلي الرسمي منذ سنوات كثيرة الرافض العودة إلى حدود العام 1967 والذي يرى في الكتل الاستيطانية الكبرى جزءاً من إسرائيل. وفي حديثه لصحيفة «هآرتس»، رأى نتانياهو أن دعوة الرئيس الأميركي إسرائيل إلى «إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 ليست جديدة»، مشيراً إلى أن الرئيس «لم يدعُ إسرائيل في شكل واضح إلى الانسحاب إلى حدود عام 1967»، وأنه أبقى الموقف الأميركي من طبيعة التسوية الدائمة مبهماً وضبابياً. وقال إن اوباما «استند في حديثه إلى خريطة الطريق الدولية التي استندت أصلاً إلى القرار الدولي 242 (الذي تفسره إسرائيل على أنه دعوة الى الانسحاب من أراض محتلة وليس من الأراضي المحتلة)». وقال إن جميع الحكومات السابقة (في إشارة إلى حكومات الوسط) رفضت العودة الى حدود 1967 «وحريّ أن ترفضها حكومتنا» (اليمينية). وتابع أنه مرتاح لقبول الرئيس الأميركي موقفه القاضي بعدم وضع شروط مسبقة للتفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين، كما لدعوته الواضحة «من على منصة عالمية مهمة وعلى مسامع العرب والفلسطينيين»، إلى الاعتراف بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي. وأضاف أن شرط يهودية إسرائيل «يتغلغل جيداً في السجال الدولي»، معتبراً ذلك مكسباً سياسياً عظيماً لإسرائيل. وأضاف أن اوباما أعرب عن تقديره للتسهيلات في حركة الفلسطينيين التي قامت بها إسرائيل في الضفة الغربية ودعم الاقتصاد الفلسطيني، وأنه دعا قادة العالم العربي إلى التوقف عن الحديث عن السلام وراء أبواب مغلقة إنما المبادرة إلى تحقيق السلام بصورة علنية، «وكل هذه الانجازات يجب أن يوحد الشعب في إسرائيل». ونفى نتانياهو أن تكون العلاقات الأميركية – الإسرائيلية بلغت حد الأزمة، ووصفها بأنها «جيدة جداً» وأنه خلال الأشهر الأخيرة حصل تقارب. وسربت أوساطه لوسائل الإعلام أن الأميركيين أطلعوا إسرائيل مسبقاً على خطاب اوباما في الأممالمتحدة، «ما يشير إلى متانة العلاقة». وقال نتانياهو إنه أوضح الى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) ان السلام سيتحقق فقط في حال اعترف الفلسطينيون «الذين يطالبوننا بالاعتراف بفلسطين على أنها الدولة القومية لشعبهم، بدولة إسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي، ويعني ذلك ألا نغرق باللاجئين أو نسلهم، وألا تكون هناك مطالب لاقتطاع أجزاء مختلفة من إسرائيل أو أجزاء من سكانها». وتابع ان «نهاية الصراع تعني نهاية الصراع، وعلى أبو مازن أن يختار بين طريق (سلفه الرئيس الراحل ياسر) عرفات أو مثل (الرئيس المصري السابق أنور) السادات، وهذا هو القرار الكبير الذي يتعين عليه اتخاذه، بل امتحانه ... عليه مواجهة شعبه ليقول له إنه مقابل مطالبتنا إسرائيل الاعتراف بدولة فلسطينية تكون دولة الشعب الفلسطيني، فإننا ملزمون أن نعترف أيضاً بإسرائيل دولة للشعب اليهودي». وشدد: «لن أتنازل عن هذا المبدأ ولا عن غيره من الشروط الحيوية لأمن دولة إسرائيل». في المقابل، رفض نتانياهو الرد على سؤال عما ستقدمه إسرائيل من تنازلات خلال المفاوضات مع الفلسطينيين، وقال: «لن أتحدث عن تفاصيل التنازلات مسبقاً ... نريد تحقيق الهدف وهو السلام والأمن لدولة إسرائيل، هذا يحتم هوامش أمنية وحدوداً أمنية وترتيبات أمنية»، مضيفاً أن «قوتنا في هذه المفاوضات نابعة من توافر إجماع وتوافق إسرائيليين على السلام الحقيقي». وعن «الاحتفال» الإسرائيلي بتراجع الرئيس الأميركي عن مطلبه تجميد الاستيطان في شكل تام واستبدال كلمة تجميد ب «لجم»، قال نتانياهو: «لم نحتفل بذلك، وأنا شخصياً راض جداً من أن رئيس الولاياتالمتحدة أزال شرط الفلسطينيين بتجميد الاستيطان». وأضاف أنه على رغم «الخلافات المستمرة منذ 40 عاماً بين إسرائيل والولاياتالمتحدة» في موضوع الاستيطان، فإن الرئيس الأميركي «أعلن في شكل لا يقبل التأويل يجب ألا يشكل هذا الموضوع عقبة أمام الشروع في مفاوضات لأنه سيكون ضمن مفاوضات الحل الدائم وسيطرح الفلسطينيون مواقفهم، وسنطرح نحن أيضاً مواقفنا». من جهته أيضاً، اعتبر وزير الخارجية أفيغدور ان «الأمر الايجابي في خطاب اوباما أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة هو ان إسرائيل هي دولة يهودية»، فضلاً عن قوله الصريح حول المشروع النووي الايراني. وعقب وزير الدفاع السابق عمير بيرتس (حزب العمل) على تصريحات نتانياهو بالقول إن رئيس الحكومة ليس معنياً بالتوصل إلى اتفاق سلام إنما فقط يفكر «كيف يجتاز لقاءه المقبل مع الرئيس الأميركي بسلام». ودعا إلى إبداء مرونة إسرائيلية في المفاوضات مع الفلسطينيين «من أجل ايجاد جبهة واحدة مع الغرب ضد المشروع النووي الايراني». من ناحيته، كرر وزير الصناعة والتجارة بنيامين بن اليعيزر دعوة حكومته إلى الإفراج عن القيادي الفلسطيني الأسير في السجون الإسرائيلية مروان البرغوثي ليحل محل عباس «الذي لا يتحلى بالجرأة للتقدم في المفاوضات السلمية مع إسرائيل»، كما قال للإذاعة الإسرائيلية. وأضاف أن من مصلحة إسرائيل العليا أن تتقدم في المسار الفلسطيني «من أجل التفرغ للملف الايراني». وتعقيباً على تصريح عباس ل «الحياة» بأن حكومة نتانياهو «مشكلة ولا توجد أرضية مشتركة للتفاوض معها»، قال الوزير العمالي الذي كان وزيراً للدفاع خلال اعتقال جيش الاحتلال البرغوثي في ربيع العام 2002: «منذ عامين وأنا أصرخ: أطلقوا مروان البرغوثي ... أبو مازن رجل طيب لكنه يخاف على جلده ويرتعد خوفاً ... نحن في حاجة إلى شخص جريء». وزاد: «علينا أن نأخذ الأمور بأيدينا ونقود المفاوضات مع الفلسطينيين بكل قوة ونعمل على أن يساعدنا الرئيسان الأميركي والمصري على قيادة عملية (سلام) إقليمية تشمل سورية، وعندها ربما يحصل شيء ما مع أواخر العام المقبل».