تعيش مدينة الناصرة، كبرى المدن الفلسطينية في الداخل، أجواء توتر منذ ثلاثة أشهر على خلفية انتخابات مجلسها البلدي، والتي جاءت برئيس قائمة «ناصرتي» نائب رئيس البلدية السابق علي سلاّم رئيساً بعد تقدمه على رئيس قائمة «الجبهة الديموقراطية» رئيس البلدية في السنوات العشرين الأخيرة رامز جرايسي ب 22 صوتاً. وتفاقم التوتر هذا الأسبوع مع قبول المحكمة طعن جرايسي في النتائج، فجاءت النتيجة بعد عدّ أصوات صناديق محدودي الحركة، بتقدمه على سلاّم بفارق تسعة أصوات. ورفضت المحكمة أول من أمس توصية المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين بإعادة الانتخابات للرئاسة بداعي وقوع عيوب كثيرة. واحتجاجاً على قرار المحكمة، قرر سلاّم الذي باشر مهماته رئيساً منذ الانتخابات، الاستئناف إلى المحكمة العليا. كما قررت قائمته والقوائم المتحالفة معه تنظيم تظاهرة احتجاجية اليوم يخشى أن تتحول إلى مواجهات بين مؤيديها ومؤيدي «الجبهة». وكانت القائمة دعت إلى إضراب في المدينة أمس لم يكن التجاوب معه كاملاً، إلا أنه شحن الأجواء وأجج التوتر وسط أنباء عن اعتداءات جسدية. ويتابع المجتمع العربي في الداخل برمّته التطورات في الناصرة التي يسمونها «عاصمة الجماهير العربية»، من دون أن يخفي قلقه من تداعياتها على النسيج الاجتماعي في المدينة خصوصاً والمجتمع العربي عموماً، وأن يطل الخطاب الطائفي برأسه من جديد على خلفية أن المرشحيْن ينتميان إلى ديانتين مختلفتين في مدينة تعتبر مثالاً للتآخي بين المسلمين والمسيحيين. وتشهد صفحات التواصل الاجتماعي (فايسبوك) تلاسناً حامياً بين الجانبين لا يخلو من التجريح الشخصي والإهانات وإشهار الطائفية. وباءت بالفشل محاولات شخصيات اعتبارية من المدينة وأخرى قيادية من خارجها إيجاد معادلة ترضي الطرفين وتحول دون الذهاب إلى انتخابات جديدة. وأعرب رجال دين مسلمون ومسيحيون عن قلقهم من التطورات الأخيرة، مشيرين إلى خطورة أن تتحول «قضية سياسية وحزبية ومدنية» إلى أزمة طائفية عنيفة تستحضر إلى الأذهان الأزمة السابقة قبل 15 سنة في شأن بناء مسجد «شهاب الدين». وأصدرت قائمة «ناصرتي» بياناً أعربت فيه عن «اشمئزازها من قرار المحكمة المركزية الذي لم يحترم فوز وشرعية سلاّم برئاسته للبلدية». ودعت إلى المشاركة في «تظاهرة جبارة مدوّية تعلن في وضح النهار رفضها للجبهة المأزومة ولقيادتها المفلسة، وتعبّر بإصرار وتحدٍ عن أن سلاّم هو الرئيس المقبول شعبياً». وحمّل سلاّم خصمه جرايسي ورئيس الجبهة النائب محمد بركة «المسؤولية عن نتائج التصعيد»، معرباً عن يقينه بأن المحكمة العليا ستقرر إعادة الانتخابات. ودعا جرايسي في بيان إلى ائتلاف شامل (برئاسته) يكون أساسه بين الجبهة وكتلة «ناصرتي»، مضيفاً أن دعوته تأتي «رغم كل ما كان من قائمة ناصرتي ورئيسها من رسائل سلبية». وقال إن قرار المحكمة واضح، «وهو تثبيت تفوقي بتسعة أصوات». وأضاف أن الأوضاع في المدينة تستوجب الائتلاف الشامل والتعاون من أجل الحفاظ على الناصرة «لأجل سكانها الطيبين ولأجل شعبنا كله».