سيطر موضوع أمن دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي الروسية على محادثات بين موسكو وواشنطن جرت على المستويين السياسي والعسكري، وسط مؤشرات إلى انتقال حال القلق من تهديدات جماعات متشددة باستهداف الأولمبياد إلى الشارع، بعدما اظهرت استطلاعات ان غالبية الروس يشككون بقدرة السلطات على توفير الحماية اللازمة ضد «هجمات محتملة من جانب إرهابيين». وأعلن البيت الأبيض ان الرئيس الأميركي باراك اوباما ناقش مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي، أفضل السبل لضمان «أمن وسلامة» الألعاب الأولمبية. وعلى رغم أن موسكو أعلنت في وقت سابق «عدم حاجتها» الى مساعدة خارجية لضمان أمن دورة الألعاب التي تنطلق في السابع من الشهر المقبل، فإن هذا الملف غدا مطروحاً للبحث بقوة بعد الهجمات الانتحارية التي هزت روسيا الشهر المضي، وبعد التهديدات الجديدة التي أطلقتها جماعات مسلحة متشددة تنشط في منطقة شمال القوقاز. وعكست تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول «ترحيب موسكو بقرار جورجيا تقديم كل المساعدة اللازمة في ضمان أمن الأولمبياد»، توجه روسيا إلى فتح أبواب التعاون الأمني لتحقيق هذه الغاية مع مختلف الجهات بما في ذلك تبليسي على رغم انقطاع العلاقات الديبلوماسية معها منذ العام 2008. كما نوقش هذا الملف في محادثات موسعة أجراها رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي مع نظيره الروسي فاليري غيراسيموف، وهي تعد الأولى من نوعها على هذا المستوى منذ تولي الأخير منصبه في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012. وأعرب ديمبسي عن استعداد بلاده تزويد الجانب الروسي تقنيات أميركية متقدمة من أجل ضمان أمن الألعاب الأولمبية. وقال مسؤولون أميركيون حضروا اللقاء إن الجنرالين بحثا إمكان اعتماد أجهزة متطورة يستخدمها البنتاغون للكشف عن عبوات ناسفة في أفغانستان والعراق، وأشاروا إلى أن التبادل التقني احتل مكانة مهمة خلال المحادثات التي جرت الثلثاء في بروكسيل. كما أعرب ديمبسي عن استعداد البنتاغون تزويد الجانب الروسي بأجهزة خاصة برصد الإشارات التي يتبادلها الإرهابيون عبر موجات اللاسلكي أو هواتفهم المحمولة، لتفجير العبوات الناسفة عن بعد، والتشويش على هذه الإشارات. ودعا ديمبسي الى اتصالات بين خبراء تقنيين من روسيا والولايات المتحدة لبحث فرص دمج مثل هذه الأجهزة في شبكات الاتصال والمنظومات الأمنية الموجودة في روسيا. في غضون ذلك، أظهر استطلاع أجراه مركز «ليفادا» لدراسة الرأي العام، أن 63 في المئة من الروس لا يثقون بقدرة السلطات على حمايتهم من هجمات ارهابية محتملة. وأفادت وكالة أنباء «نوفوستي» أن نتائج الاستطلاع دلت إلى أن 29 في المئة فقط من الروس، يرون أن التدابير المتخذة من جانب السلطات المختصة، كفيلة بتوفير الحماية اللازمة لمنشآت الأولمبياد ولحياة المواطنين الروس وزوار روسيا. ووفق محلل في المركز فإن هذه النتيجة دلت إلى اتساع حال القلق في الشارع بعد الهجمات الانتحارية الأخيرة، وإعلان السلطات عن تعقبها «انتحارية واحدة أو اكثر نجحت في التسلل إلى مدينة سوتشي لتنفيذ عمل تفجيري». مناورات مشتركة على صعيد آخر، تطرقت المحادثات العسكرية الروسية - الأميركية إلى بلورة ملامح خطة للتعاون العسكري بين البلدين للعام 2014 ، تتضمن تدريبات مشتركة واسعة النطاق ومناورات جوية وبرية وبحرية بمشاركة وحدات عسكرية صغيرة. كما تطرقت المحادثات إلى ملفات الدفاع المضاد للصواريخ والوضع في أفغانستان والأزمة السورية واحتمال إجراء عمليات مشتركة لضمان أمن منطقة القطب الشمالي ومكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية. وعلى رغم إقرار الطرفين بأن الخلاف حول موضوع «الدرع» الصاروخية الأميركية المقرر نشرها في أوروبا ما زال قائماً، فإن الجانبين اعربا عن تفاؤل ب «مستوى الصراحة والانفتاح الذي ساد جولات الحوار».