طالب باحث شرعي بضرورة تعزيز مبدأ «العفو» في المجتمعات الإسلامية تجاه من يقع في الخطأ من غير المسلمين، معتبراً أن ذلك يعكس صورة الإسلام في المعاملة مع البشر، داعياً من خلال دراسة علمية إلى تفعيل الندوات والمحاضرات التي تشدّد على أهمية العفو والتسامح، في حين نوّه عضو اللجنة الدائمة للإفتاء عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان بأن حقوق الله لا يوجد فيها عفو وتسامح، بينما يمكن تطبيق ذلك في الأمور الأخرى. وأبرزت دراسة بعنوان: «العفو من منظور دعوي»، للباحث في كلية الدعوة والإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سعد الأحيدب، مجموعة من مقاصد العفو الدعوية، إذ جاء بينها «ترغيب الكفار واستمالة قلوبهم للدخول في دين الإسلام من خلال إظهار محاسن الإسلام وصورته المشرقة أمام الآخرين من طريق التعامل الإنساني الأخلاقي، المبني على العفو عند المقدرة والتسامح مع المخطئ، والرحمة بالضعيف، وبذل المعروف للآخرين»، مستشهداً برسول الله حينما كان يصفح دائماً عن خصومه من الكفار والمنافقين والجهلاء، ما رغبّهم في الاستجابة لدعوته واجتماع القلوب عليه. وأكد الأحيدب على أهمية العفو في تأليف قلوب المؤمنين والحفاظ على وحدة كلمتهم، مشيراً إلى أنه يعدّ من العوامل الرئيسة في تقوية أواصر المحبة والأخوة الإسلامية، كما أنه يعتبر من أعظم أنواع الإحسان، ودليلاً للرحمة والشفقة على المعفى عنه، منوّهاً بأن أولى الناس بتطبيق نهج العفو هم الدعاة إلى الله، مرجعاً ذلك إلى أن طريقهم محفوف بالصعاب، ما يجعلهم مطالبين أكثر من غيرهم بالإحسان إلى من أساء إليهم، وعدم الانتصار للنفس والترفق بالناس أفراداً وجماعات سعياً إلى إشاعة روح التسامح والبر والرحمة. واستعرضت الدراسة مجموعة من ثمرات العفو، أهمها محبة الله وبلوغ منزلة عالية من التقوى، فضلاً عن الأجر والثواب والعزة والرفعة في الدارين، وقال الباحث: «ينبغي على الداعية أن يدرك أنه بحاجة إلى عفو الله، إذ يتطلب منه التغاضي عن إساءة الآخرين له ويتجاوزها إلى العفو والصفح وإسقاط حقه جوداً وإحساناً، فعفو الله وجوده وإحسانه أعظم وأوسع»، نافياً في الوقت ذاته ما يزعمه البعض بأن العفو أو السماحة نقص في الرجولة وضعف وخذلان. وتطرّق في بحثه إلى ضرورة إنصاف العمالة والضعفاء، معتبراً أنها مقصد من المقاصد الدعوية لممارسة العفو، مشدّداً على ضرورة استحضار المبادئ النبيلة في نفوس أرباب العمل مع مخدوميهم، ومراعاة أحوالهم وغربتهم، ورفع الظلم عنهم، موصياً بتكثيف الجهود وعمل الدراسات البحثية والميدانية حول العفو من المتخصصين والباحثين، وتنظيم ندوات ودورات علمية تأهيلية للعاملين في حقل الدعوة إلى الله تتناول هذا الجانب. من جهته، أوضح عضو اللجنة الدائمة للإفتاء عضو هيئة كبار العلماء في المملكة الشيخ صالح الفوزان، أن حقوق الله لا يوجد فيها عفو وتسامح، بينما حقوق الناس ترجع مسألة العفو فيها والتسامح في ما بينهم.