بدأت «المعيقات» التزاحم، في وجه مفتّشي جمارك جسر الملك فهد، واحدة تلو الأخرى، ما «قتل العزيمة والطموح داخلهم»، وحال دون «خَلق جوّ عمل تنافسي» لديهم، على رغم مواجهتهم آلاف المخاطر يومياً، ابتداءً من «طلب إبراز الهويّة الوطنيّة للمسافرين»، وانتهاءً ب «كشفّ تهريب ممنوعات». فهم لم يخضعوا لتدريبات تعلّمهم «لغة الجسد»، ويعتمدون في عملهم على «الحدس والفطنة». ناهيك عن الأذى الذي قد يمسّ أحدهم في ظلّ «غياب» دوريات الأمن. ولا يعرفون عن دورات «الدفاع عن النفس» سوى الاسم، لافتين إلى «ثغرة» بينهم وبين المسؤولين عنهم، الذين يكتفون ب«توزيع المهمات» عليهم، وأمرهم ب «النزول إلى ساحة التفتيش» لا أكثر. وعمدت الجمارك السعودية، في ظلّ الزحام الذي أصبح «ظاهرة»، على جسر الملك فهد الموصل إلى البحرين، إلى زيادة طاقة الكادر الاستيعابية، والاستعانة بموظفين من منافذ أخرى، واحتسبتها «انتداباً» لهم. فيما يُحرم موظفو الجسر الأساسيين من هذا «الحافز»، الأمر الذي اعتبروه «تمييزاً»، أفقدهم الحماس، وجعلهم يؤدون العمل في شكل «روتيني»، لغياب المعايير التي على أساسها يتم منح المفتش «مكافأة» جراء ضبطه «كميّة ممنوعات»، إذ اتضح اختلافها من موظّف إلى آخر، وقد لا يقومون باستلامها في وقتها، بل تتأخر لأكثر من 7 أشهر «لدرجة نسيانها، وعدم وضعها في الحسبان بتاتاً» كما قال أحدهم. وقال مفتّش جمركي يعمل في جسر الملك فهد (تحتفظ «الحياة» باسمه): «لا يوجد لدينا آلية عمل واضحة»، عازياً ذلك إلى أن غالبيتهم، يعتمدون على «الفطنة والحدس، ولم نحصل على تدريب مناسب، نفهم من خلاله مهماتنا الوظيفية». فهم التحقوا في العمل بالتفتيش مباشرةً، مشيراً إلى أن الدور الوحيد الذي يقوم به المسؤول عليهم، أو مشرف الفترة، تجاههم «توزيع الأدوار على الموظفين في الساحة». وأشار إلى «ثغرة في الإدارة يجب الوقوف عليها وسدّها ووضع الآليات التي تعكس أهمية العمل الذي نقوم به». وذكر موظف آخر، أنه «يفترض تقديم دورات تطوير للنفس، واستشعار لغة الجسد، إذ إن غالبيتنا يفترض حسن النيّة تجاه المسافر، والمستجدّون يحاولون مراقبة القدامى، لمعرفة كيفية ضبط الممنوعات. ولو تعرّضوا لسوء وتهجّم فتكون ردّة الفعل مماثلة»، معيداً ذلك إلى «غياب دوريات الأمن، إضافة إلى عدم الخضوع لدورات دفاع عن النفس، ما قد يجمعهم بمهرّبي أسلحة، في بعض الأحيان»، موضحاً أن تلك الأمور «قللت من وتيرة الحماس لدينا، والسعي إلى ضبط أكبر كميّة ممنوعات قد يتم تهريبها». وقال: «المفتشون يجهلون المعايير التي يتم على أساسها مكافأتنا حيال الضبطيات، فهي تختلف من موظف إلى آخر، ما أفقدنا الحافزية في العمل، ونتعرض لمماطلة في استلام المكافأة لأشهر، لدرجة أننا لا نعلم هذا المبلغ لماذا؟». فيما انتقد موظف ثالث، عدم تفعيل الانتداب، حال انتقال موظف منفذ آخر، إلى جمارك جسر الملك فهد، موضحاً أن «المشكلات لا تأتي فرادى، وذلك من خلال «مشكلات المرور المستمرّة» ولم يوضع لها حلّ، على رغم المراسلات شبه اليومية والشكاوى، بسبب التعدّي على منطقة الجمارك، من دون الرجوع إليهم، وذلك لمخالفة المركبات، إضافة إلى عدم مباشرتهم الحوادث، أو وصولهم متأخرين، وذلك يتجاوز في أحيان كثيرة الساعة ونصف الساعة». وأكّد الموظف، أن «معدّل محاضر الضبطيات يصل يومياً إلى 25 محضراً، وكان أخرها ضبطيّة تجاوزت 160 قارورة خمور تم إخفاؤها في سيارة نقل مركبات متعطّلة. فيما استطاع شخص الهرب بفكّ القيود الحديد من يديه، إذ تم التعميد بوضع «حجز» في حال الضرورة». واعتبر موظف آخر، أن تفتيش «المرأة من الأمور الحساسة لديهم، إذ ينظرون لها بعين الحشمة، ولا يوجد هناك توجيهات أو تعاميم تنصّ على التركيز بتفتيشها»، موضحاً أن «التركيز من قِبل إدارة الجمارك دائماً على جمارك المغادرة»، عازياً السبب إلى «كثرة الضبطيات، وتهريب الممنوعات»، مطالباً ب «تفعيل دعم دخول المركبات التي تحمل مخالفات مرورية، ليصبح الأمر أكثر تنظيماً، إذ أوضح أن الأمر قيد الدرس، واحتمالية تطبيقه ليست أكيده».