يتخذ الفنان التشكيلي الفلسطيني باسل المقوسي من الفن وسيلة للتعبير عن حالة الغضب الكامن بداخله، ويعتمد الطريقة الرقمية لدمج لوحات عالمية شهيرة مع صور الدمار الذي حلّ بغزة بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة عليها، محاولاً إيجاد وسيلة اتصال جديدة بين غزة والعالم، بعدما انقطعت كل وسائل الإتصال بينهما. ينتج المقوسي مشاهد متفاعلة مع حالة الإحباط واليأس التي تعرض لها أبناء غزة، ليجد فسحة الأمل التي تمكّنه من التعبير عن الحرب. ويقول إنه قام بإنتاج هذا النوع من الفن عام 2006 إبان الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، تعبيراً عن رفضه هدم القوات الإسرائيلية الآثار التي تشهد على الإحتلال. ويعتبر أنه كان بالإمكان تحويل هذه المخلفات إلى أعمال فنية بالتعاون بين مهندس وفنان. ويكشف الفنان الفلسطيني أنه تعرّف على هذه الطريقة من التعبير «أثناء زيارة فنان ألماني قطاع غزة، للتعاون مع فنانين فلسطينين، وكان موضوع ورشات العمل هذه، كيف يمكن دمج صورة أو لوحة فنية عالمية وذات شهرة واسعة لصدم المشاهد وتحريك حوار داخلي بينه وبين نفسه: من فعل ذلك؟ وماذا يريد؟». ويتابع أنه أثناء الحرب الأخيرة حاول رسم بعض الصور التي تعبّر عما يحدث، لكن ذلك كان صعباً جداً لضيق الوقت والضغوط النفسية التي عاشها بسبب شراسة الحرب وتلاحق الأحداث، ما دفعه إلى اللجوء إلى ال«ميكس ديجيتال آرت». الجمهور تفاعل مع هذا النوع من الفن، ما شجع المقوسي على المواصلة طول فترة الحرب وبعدها، محاولاً أن يوصل للعالم رسالة مفادها أن حرباً ضارية تشن في هذه البقعة من العالم. ويقول: «الصور الواردة من غزة معظمها كانت لأشلاء ودماء وقصف ودمار. خشيت أن يتحول خروج هذه الصورة إلى مجرد روتين، وأن يتعود العالم عليها، فتفقد صداها وتأثيرها». ويضيف أنه نشر أعماله على وسائل التواصل الإجتماعي من دون مقابل مادي ل«إيصال الرسالة في وقتها المناسب، وأن تكون عامة تصل إلى الجميع. كما أنه نتيجة للحصار المفروض على غزة منذ سنوات، كان من الصعب إيصال الأعمال بشكلها التقليدي إلى المعارض خارج غزة. سهلت هذه الطريقة الوصول إلى الأعمال، وتمت طباعتها ورفعها في مسيرات التضامن مع غزة أثناء الحرب». وعن الدمج بين اللوحات، يجيب المقوسي: «هناك الكثير من الأعمال العالمية، سواء كانت لوحات أو صوراً فوتوغرافية شاهدتها أثناء سفري وظلت عالقة في ذاكرتي، أو من خلال الإنترنت وبقيت محتفظاً بها، وبدأت بالدمج بين كوني مصوراً فوتوغرافياً وفناناً تشكيلياً، فعندما ألتقط الصورة، كانت صورة أو لوحة أخرى حاضرة في رأسي لأدمجهما معاً. لم يكن الموضوع مجرد دمج عبثي، حين قارنت بين صور الحروب العالمية الأكثر شهرة، وبين المشاهد التي كنت أراها في غزة، وجدت صوراً كثيرة متشابهة، وأخرى متناقضة». ويتابع: «هذا الفن بالأساس يعتمد على صدم المشاهد، كوني مصوراً لا أريد أن تخرج الصورة صماء. أريدها أن تجذب المشاهد الذي تعوّد على النظر الروتيني إلى اللوحات العالمية وحفظ تفاصيلها، ودرسها. أريد أن أقول، إن شيئاً غير طبيعي يحدث في غزة. هناك حرب. أثناء الحرب، تم عرض بعض الأعمال في باقة الغربية، مع مجموعة أخرى من المصورين من الداخل المحتل». من جهته، يقول الدكتور جواد حرب، المتابع لأعمال المقوسي إن «باسل حاول ربط ذاكرة بؤس العالم القديم، مع معاناة غزة المستمرة، وأراد أن يناضل بهذه الطريقة، ليوصل رسالة غزة، رسالتنا جميعاً إلى العالم».