المعرض الذي ينظمه المركز الثقافي البريطاني و «جيل للنشر» ويضم لوحات ل 29 فناناً فلسطينياً افتتح في جامعة بيرزيت لكنه يستمر لما يقارب التسعة شهور متنقلاً في غير مكان فلسطيني. يهدف المعرض كما جاء على لسان المنسقة العامة ل «جيل للنشر» صابرين عبدالرحمن إلى تقليص الفجوات النفسية والروحية بين الشباب الفلسطيني الذي يقيم في أماكن مختلفة. وإذ يضم لوحات لفنانين فلسطينيين من أماكن مختلفة فهو فرصة لتفاعلات ذهنية أو حتى مباشرة بين بشر توحدهم الهويه وتفرقهم الجغرافيا. وقالت عبدالرحمن ان «رحلة المعرض» فرصة لإعادة توزيع الثقافي وتفعيله في المدن الفلسطينية، التي حرمت من مثل هذا الحراك بسبب مركزية رام الله، واحتكارها الجزء الأكبر من النشاط نتيجة الواقع السياسي التي صارت إليه المدينة بعد اوسلو وقيام السلطة. وفي حديثه عن المعرض يقسم المنسق والفنان منذر جوابرة اللوحات المشاركة إلى أربع نماذج تجريبية من أربع مناطق جغرافية، حيث يُعّرف اللوحات التي قدمت من فلسطينيي الشتات بأنها ذات طابع مفاهيمي يغلب عليها التصور الذهني، حيث الصورة الحية للوطن غائبة أو هي صنيعة شاشات التلفزة وحكايا الجدات عن الوطن، ومن ذلك أعمال نورس شلهوب وامل كعوش ومحمد شقديح. ففي عملها «الماذر بورد» استخدمت امل كعوش الكومبيوتر لعرض حالة إشكالية يعيشها الفلسطيني يومياً تحت خيمة النظام العالمي الحديث حيث تحديد لشكله الإنساني كجزء ينضبط تحت هذه اللعبة الكونية. في اتجاه أخر كانت اللوحات القادمة من غزة، وهي لشريف سرحان وباسل المقوسي ورائد عيسى وغيرهم، جداريات للحصار إذ تعبق برائحة الحرب والموت ومشاهد الطائرات وبيوت المخيم التي تضيق على ساكنيها وتحاول خنق أصواتهم، لكنها تحمل في أرحامها العديد من صور الحياة كالشجر والبحر، مرادفات الأمل الذي لولاه يموت الناس. فنانو فلسطينالمحتلة كان لهم صوتهم المختلف، رانيا عقل وميساء عزايزة، إذ يصف جوابرة لوحاتهم بضبابية الهوية، لوحات تسير صوب فلسطينيتها متخبطة بعوائق العيش قرب نقيض مختلف، ففي عملها الفني قدمت رانيا عقل للمتلقي طائر سنونو على ارض تحترق مازجة دهشة التحليق بفجائعية السقوط. ومن الضفة الغربية لوحات تبحث عن المكان وتقدم شكلاً بصرياً يبتعد قليلا عن الهوية ويبحث عن الدلالات الجمالية والرموز الإنسانية والمكانية بشكل أكثر انفتاحاً من حيث اللغة التشكيلية التي يصطفها جوابرة بالأكثر قرباً إلى التجريب. ففي عمله يقدم بشار حروب صورة مختلفة للقدس محاولا تجريدها من ألمها واشكالياتها السياسية، عارضاً مساحات مجردة قدمها على أنها القدس، أو مشروع المدينة. أما ابراهيم جوابرة فقدم عملاً قلقاً، حيث كثافة الصورة والفكرة وما بينهما من فضاءات للمتخيل والمشتهى أو صانع الضياع، بمفهومه الآخر، الغربة والدليل. الشاب باسل مقوسي الذي يسكن شمال قطاع غزة بالقرب من معسكر جباليا قدم لوحة تظهر فيها خزانات المياه فوق منازل المخيم، حيث في البيت الواحد أكثر من عائلة، لهذا تتعدد الخزانات على السطح الواحد. باسل اعتبر المعرض خطوة إيجابية لكسر الحصار المفروض، ووصف اللوحات بأنها طرق إلى الباحة الأم، الوطن الحقيقة، وإذ تختلف أشكال اللوحات وأساليب إنتاجها فهي تتقاطع في نقطة مركزية هي الوطن وحلمه. يجول المعرض في غالبية المدن الفلسطينية، كما في أراضي 1948، وسيحاول القييّمون عليه إدخاله إلى غزة لكسر جزء من الحصار الذي تعيشه المدينة.