تزامن إعلان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تكليف مبعوثه الخاص في العراق أمس لمتابعة طلب بغداد إنشاء محكمة دولية لمحاكمة «بعثيين عراقيين في سورية» مع موقف جديد لرئيس الحكومة نوري المالكي معارض للتدخل العربي. وانتقدت أوساط سياسية هذا الموقف، مبدية مخاوفها من زيادة عزلة العراق عربياً. وكان المالكي حذر من مساع عربية لنقل القضية من الأممالمتحدة إلى الجامعة العربية ل «تضييع حقوق العراقيين في مسألة تفجيرات الأربعاء الدامي» التي وقعت في بغداد في 19 الشهر الماضي. وقال في تعليق نشره عبر نافذة التواصل مع الإعلاميين على موقع المركز الوطني للإعلام الحكومي إنه كان «يتوقع منذ البداية عدم تجاوب الجانب السوري مع الأدلة والمطالب العراقية، وأن الآمال تكاد تكون معدومة بنجاح هذه الجهود لتحقيق شيء ما». وشدد على أن «بغداد جادة في الذهاب إلى المجتمع الدولي أو اللجوء إلى أي وسيلة أخرى لوقف الانتهاكات التي ترتكب في حق العراقيين». تزامن ذلك مع اعلان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون أنه أعطى تعليماته لمبعوثه الخاص الجديد الى العراق اد ملكرت لمساعدة العراق وسورية في ما يتعلق بطلب بغداد إنشاء محكمة لمحاكمة البعثيين العراقيين المقيمين في سورية المتهمين بالوقوف وراء تفجيرات الاربعاء الدامي في بغداد الشهر الماضي، وذلك في تطور جديد قد يودي بجهود الوساطات الديبلوماسية. وقال بان انه أرسل الى رئيسة مجلس الأمن، المندوبة الاميركية سوزان رايس، ليل أول من أمس، يعلمها أنه طلب من ملكرت مساعدة البلدين في معالجة القضايا التي أثارها المالكي في خطابه «في إطار تفويض بعثة الأممالمتحدة لمساعدة العراق (يونامي) لدعم التعاون الإقليمي». وأكد نائب قريب إلى المالكي ل «الحياة» أن «المحكمة الدولية في طريقها الى التشكيل، وأن الحكومة مصممة على ذلك لأن الوساطات لم تجد نفعاً، كما كنا نخمن. وستشهد الأيام المقبلة خطوات أكثر جدية». وقال النائب عبدالهادي الحساني إنه «على رغم الانتقادات الكثيرة التي وجهت الى الحكومة في موقفها الاخير مع سورية، إلا أنها ماضية في استرداد حق الشعب العراقي، وهي لا تزايد في ذلك على أحد». لكن أطرافاً سياسية قابلت موقف رئيس الحكومة بامتعاض شديد. وانتقد الناطق باسم «القائمة العراقية» جمال البطيخ ما سماها «محاولات الاستهانة بدور الجامعة العربية»، مذكراً بأن العراق كان من المؤسسين لهذه المنظمة وعليه احترامها. وأضاف البطيخ في تصريح الى «الحياة»: «نعتقد بأن تدويل الأزمة مع سورية سيؤدي إلى صعوبة حلها ونعتقد بإمكان حلها عربياً أو حتى من خلال الحوار المباشر في حال رفض الوساطات العربية». ورأت «جبهة التوافق» أن «أجندات أجنبية» تسعى الى ابعاد العراق عن محيطه العربي. وتساءل النائب عن الجبهة أحمد العلواني عن المستفيد من ابعاد الجامعة العربية عن العراق. وشدد على أن تعقيد الازمة مع سورية عبر مجلس الامن والمحكمة الدولية سيؤدي الى اطالة أمدها لسنوات طوال. وأضاف العلواني أن «هناك مليوني عراقي في سورية ومصالح كثيرة ومتشابكة علينا أن نفكر بها أولاً، ومن ثم القبول بالجهد الديبلوماسي لحل الازمة». الى ذلك، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إن استمرار المحادثات مع سورية يجب أن يواكبه تحقيق نتائج ملموسة على الأرض لحل الأزمة التي نشبت بين دمشق وبغداد على خلفية تفجيرات «الاربعاء الدامي». وأضاف في تصريح صحافي أن سورية رفضت كل الوثائق والأدلة التي قدمها العراق، لافتاً إلى أن الأمر الوحيد الذي وافق عليه السوريون هو تشكيل لجنة عراقية - سورية - تركية لتقصي الحقائق من أجل استكشاف بعض المناطق في سورية حيث تقع بعض معسكرات التدريب. وأعرب زيباري عن خشيته من أن يجرى تغيير على هذه المعسكرات سريعاً حيث تتحول إلى حدائق لرياض الأطفال أو مدارس، مشيراً إلى أن العراق قدم وثائق وصوراً جوية، غير أن الجانب السوري قابلها بالإنكار.