تستعد الأطراف اللبنانية المعنية بتشكيل الحكومة الجديدة، للبحث في مرحلة ما بعد تثبيت توزيع الوزراء على ثلاث ثمانيات بالتساوي، بين فريقي 14 آذار و8 آذار والكتلة الوسطية الممثلة برئيسي الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام ورئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، والمتعلقة بالتفاهم على الإطار السياسي العام للحكومة الجديدة، وتحديداً العناوين الرئيسية التي ستدرج في صلب بيانها الوزاري، وتطبيق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الوزارية، والتي تستدعي منذ الآن تدوير الزوايا بغية إيجاد مخرج لاستبعاد معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» من البيان، بإحالتها على هيئة الحوار الوطني، واعتماد «إعلان بعبدا» الذي ينص على تحييد لبنان عن الصراع العسكري الدائر في سورية، باعتبار التحييد العمود الفقري الذي يرسم السياسة العامة للحكومة. ويفترض ان يعقد لقاء في أي لحظة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، استكمالاً للاجتماعين اللذين عقدهما الأخير مع الرئيسين سليمان وسلام من جهة، ولتواصله المستمر مع جنبلاط الذي يلعب دور الوسيط للتقريب في وجهات النظر حول البيان الوزاري. ويشكل لقاء بري والسنيورة أول محاولة للبحث في مرحلة ما بعد التفاهم على توزيع الوزراء على الأطراف الثلاثة، ويراد منه، كما ذكرت مصادر مواكبة للمشاورات الجارية في شأن عملية تأليف الحكومة ل «الحياة»، تهيئة الأجواء أمام التوافق على سلة واحدة تدفع في اتجاه التسريع في ولادة هذه الحكومة، خصوصاً أنها تشمل عناوين يفترض ان تحسم بينهما. وتقول المصادر نفسها ان حسم شكل الحكومة وان كان ضرورياً ومهماً فإن الأهم يكمن في تقطيع المشكلة التي تكمن في البيان الوزاري لجهة عدم ترحيلها الى ما بعد صدور المراسيم المتعلقة بأسماء الوزراء، لئلا يؤدي التباين حول البيان الوزاري الى تمديد عمر المفاوضات وبالتالي تأخير مثول الحكومة أمام البرلمان لنيل الثقة. وتؤكد أن ترك جميع العناوين الرئيسة من دون توفير الحد الأدنى من التفاهم يمكن ان يعيد المفاوضات الى نقطة الصفر، بسبب كثرة الأفخاخ التي يمكن ان تنفجر في أي لحظة، إذا لم تتضافر الجهود من أجل تفكيكها بالتوافق على جميع التفاصيل في سلة واحدة. وفي سياق المشاورات الجارية حول الملف الحكومي التقى بري مساء أمس جنبلاط في مقر الرئاسة الثانية يرافقه الوزير وائل أبو فاعور في حضور المعاون السياسي لرئيس المجلس الوزير علي حسن خليل. ويأتي اللقاء في اطار المحاولات الرامية الى تذليل العقبات ليأتي لقاء بري – السنيورة مثمراً. وفيما لم يصرح جنبلاط بعد اللقاء، قال خليل ان اللقاء بين بري وجنبلاط «ايجابي دائماً ولمصلحة البلد». ويتزامن التحرك اللبناني لبلورة موقف موحد من تشكيل الحكومة مع حراك دولي وعربي تشهده باريس استعداداً للتحضير لمؤتمر «جنيف 2» من أجل ايجاد حل في سورية. ويمكن لبنان الإفادة من المظلة الدولية الداعمة للاستقرار فيه للحؤول دون حصول فراغ في الرئاسة الأولى إذا ما تعذر اجراء الانتخابات الرئاسية قبل 25 أيار (مايو) المقبل لانتخاب رئيس جديد خلفاً لسليمان. وعلمت «الحياة» من مصادر دولية أن الوضع في لبنان استأثر باهتمام الدول المشاركة في اجتماعات باريس، وأن هناك فرصة لتوظيفه في عملية تشكيل الحكومة. وكان لافتاً في هذا المجال اللقاء الذي عقد مساء بين وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف وبين زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في مقر السفارة الروسية في باريس، لا سيما أنه الأول من نوعه على هذا المستوى منذ اندلاع القتال في سورية الذي أثار تبايناً بينهما في الموقف من الأحداث السورية. وشارك في الاجتماع عن الجانب الروسي نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ومدير دائرة الشرق الأوسط سيرغي فرشنين، وعن «المستقبل» نادر الحريري وجورج شعبان. وجرى فيه عرض مفصل للأوضاع في لبنان والمنطقة. ولم تقلل مصادر سياسية في بيروت من أهمية هذا اللقاء الذي أعاد التواصل بين موسكو والحريري فيما يستعد وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف الذي وصل مساء أمس إلى بيروت لإجراء محادثات مع أركان الدولة اللبنانية، والتي لا بد من ان تتناول الجهود الرامية لتذليل العقبات التي تعترض ولادة الحكومة الجديدة.