بدأت الأحزاب والناخبون التونسيون أمس، استعداداتهم لبدء الحملة الانتخابية للدورة الثانية من الاستحقاق الرئاسي، إذ دعا حزب «المسار الديموقراطي» أنصاره وناخبيه للتصويت لمصلحة مرشح حزب «نداء تونس» العلماني الباجي قائد السبسي الذي تصدّر الدورة الأولى أمام منافسه المباشر الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي. ودعا «المسار الديموقراطي» في بيان نشره أمس «الناخبين وكل القوى الديموقراطية للتصويت في الدورة الثانية لمصلحة الباجي قائد السبسي لقطع الطريق أمام التيارات الرجعية وروابط العنف والإرهاب». وأكد الحزب أن التصويت يجب أن يكون «لمصلحة القوى الديموقراطية والحداثية» ضدّ ترشح المرزوقي الذي حلّ ثانياً في الدورة الأولى بفارق 6 نقاط عن السبسي. وكان حزب «الاتحاد الوطني الحر» الذي حلّ ثالثاً في الانتخابات البرلمانية بعد «نداء تونس» وحركة «النهضة» الإسلامية، دعا أيضاً للتصويت للسبسي في الدروة الثانية، فيما لا يزال يُنتظَر الموقف النهائي ل «الجبهة الشعبية» اليسارية التي حلّ مرشحها حمة الهمامي ثالثاً في الاستحقاق الرئاسي. وقدمت حملتا المرزوقي والسبسي إشارات إلى استمالة قيادات وأنصار «الجبهة الشعبية» (16 مقعداً في البرلمان)، التي رفضت تحديد موقف نهائي قبل اجتماع كوادرها لاتخاذ قرار نهائي قبل نهاية هذا الأسبوع. وشدّد القيادي في «الجبهة الشعبية» زياد الأخضر في تصريح إلى «الحياة» على أن الجبهة لم تحدّد موقفها من الدور الثاني بعد، لكنها لن تدعم المرزوقي لأنه «يساند العنف وأفسح المجال أمام روابط حماية الثورة ومشايخ التيار السلفي للنشاط بكل حرية». ووفق مراقبين فإن «الجبهة الشعبية»، التي صنعت مفاجأة بحصول مرشحها على الموقع الثالث، تواجه تحديات كبيرة في حال قررت دعم أحد المرشحين في الدورة الثانية. فرغم أن التوجه العام لدى اليسار التونسي يرفض دعم المرزوقي على اعتبار انه تحالف مع الإسلاميين طيلة السنوات الثلاث الماضية الا أن قطاعاً واسعاً من أنصار «الجبهة الشعبية» يعتبر السبسي من أتباع النظام السابق وبالتالي من الصعب إعلان موقف صريح بمساندته. وتفيد المؤشرات المتوافرة حتى الآن بأن «الجبهة الشعبية» قد تتجه لترك الحرية لأنصارها في التصويت مع التحذير من انتخاب المرزوقي، وبذلك تضمن عدم فقدان أنصارها وتماسكها الداخلي، إضافة إلى احتفاظها بهامش من الحركة يسمح لها بالتحرك ضمن المشهد السياسي الجديد. في سياق متصل، تجد حركة «النهضة» نفسها بين خيارين في الدورة الثانية، فإما الحفاظ على نفس الموقف المحايد الذي اتخذته في الدورة الأولى رسمياً (علماً أن جزءاً كبيراً من أنصارها ساند المرزوقي) أو دعم ترشح الرئيس المنتهية ولايته علناً. وذكرت وسائل إعلام أن «النهضة» ترغب في الحصول على رئاسة البرلمان في مقابل دعمها السبسي أو البقاء على الحياد في الدورة الثانية. ويعتمد موقف الإسلاميين على المفاوضات غير المعلنة التي تجري بين قيادات من «نداء تونس» و«النهضة». في المقابل، يحظى المرزوقي بدعم جزء كبير من أنصار «النهضة» وحزب «التيار الديموقراطي» وحركة «وفاء» إضافةً الى تيارات دينية مثل حزب «التحرير» الإسلامي. ويُتوقّع إجراء الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في منتصف كانون الأول (ديسمبر) المقبل.