«كان عام 2013 أسوأ عام في تاريخ السياحة المصرية خلال عقود طويلة حيث شهد هبوطاً قياسياً في عدد الزائرين، وكذلك انحساراً في الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار السياسي في ظل حكم الإخوان المسلمين. وكانت نتيجة ذلك كله الانخفاض البالغ في الدخل السياحي». ويقتبس الوزير المصري هشام زعزوع، الذي يعتبر في رأي الكثيرين من أكثر أعضاء الحكومة المصرية الانتقالية نشاطاً إلى جانب وزير الخارجية نبيل فهمي، في حديث خاص مع «الحياة» عبارة الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا بأن العام الفائت كان «عاماً كريهاً إلى أقصى حد». ويعترف زعزوع أيضاً في كلمات صريحة وهو يجلس في مكتبه في مقر وزارة السياحة في القاهرة بأن السياحة الوافدة إلى مصر ما زالت متأثرة، خصوصاً السياحة الثقافية إلى الأقصر وأسوان والمناطق الأثرية الأخرى التي كانت تجذب في العادة ملايين السياح المولعين بالتاريخ الفرعوني. ولكنه يبدو متحمساً خلال حديثه (بينما يقوم بالرد على اتصالات هاتفية عدة) عن الخطط السياحية الطموحة التي يعمل على تنفيذها مع إطلالة العام الجديد وذلك مع وزراء أجانب وكبار المسؤولين في شركات السياحة العالمية. وقد اضطر إلى قطع حديثه مرات لكي يتأكد من العاملين معه في الوزارة عن برنامجه الحافل خلال أعياد الميلاد ورأس السنة، خصوصاً الإعداد لزيارة كاترين أشتون التي تعتبر وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي إلى الأقصر، وكذلك بعض الوفود السياحية الخليجية، ومن أبرزها وفد إعلامي سياحي كويتي قام بزيارة مهمة إلى شرم الشيخ. ويكشف زعزوع النقاب عن مبادرة جديدة يطلقها إلى جانب المبادرات الكثيرة التي ينفذها لكي تستعيد السياحة المصرية عافيتها، وهي أن عام 2014 سيكون عام دول الخليج العربي لدعم السياحة إلى المناطق المختلفة ومن بينها الشواطئ المعروفة مثل شرم الشيخ والغردقة والساحل الشمالي، وكذلك الآثار الثقافية في القاهرة وصعيد مصر والأقصر. ويؤكد أن الكويت التي قدمت دعماً سياسياً واقتصادياً كبيراً لمصر بعد ثورة 30 حزيران (يونيو) الماضي تبدي أيضاً اهتماماً بالغاً بتعزيز قطاع السياحة في البلاد. وفي لهجة عاطفية مؤثرة وانفعال واضح، يوجه الوزير رسالة من القلب إلى إخواننا في الخليج: «وحشتونا. مصر تفتح ذراعيها لكم بحرارة حيث إن بلادنا آمنة للسائح العربي والعالمي وبخاصة أنها قريبة منكم من ناحية العادات والجغرافيا واللغة والتاريخ إذا ما رغبتم في مساعدة مستقبل مصر وهى تسعى إلى تحقيق الاستقرار وتنفيذ خريطة المستقبل». ويشرح بالتفصيل خططه الكثيرة للترويج للسياحة في الدول الخليجية التي تشمل إعلانات مباشرة وعلاقات عامة وزيارات ميدانية وأفلاماً دعائية. ويؤكد أن هناك فريق عمل في السعودية لهذا الغرض، ويسعى أيضاً إلى توقيع اتفاق مع «روتانا» لتنظيم سلسلة من الأحداث والمناسبات لجذب السياح السعوديين والخليجيين إلى ربوع مصر تشمل كل المناطق السياحية. ويكشف عن الاستجابة لشكوى السائح الخليجي الذي كان يبدي عدم ارتياحه لأنه كان يعامل من الناحية المادية على نحو لا يتوازى مع السائح الأوروبي والعالمي من حيث تكلفة إقامته في الفنادق حيث كان يدفع مبالغ أكبر بالمقارنة إلى الدول الأخرى. ويشدد على أن الأسعار ستكون منافسة جداً للمناطق السياحية مثل شرم الشيخ والغردقة وغيرهما من مدن مصر الأخرى. ويحرص زعزوع على عقد لقاءات ميدانية مع الإعلاميين العرب ومن بينها زيارة الوفد الإعلامي الكويتي الأخيرة لشرم الشيخ. ويشرح ل «الحياة» أن هناك ترتيبات خاصة للعائلات الخليجية لقضاء عطلة منتصف العام في مصر. وكذلك إعداد برامج خاصة لعطلات نهاية الأسبوع بأسعار مميزة، والعمل على تذليل أي عقبات أمام السائح الخليجي وكذلك تسهيل وصول الإخوة العرب بالسيارة من السعودية والكويت والأردن خلال الصيف المقبل. ويبدي زعزوع تفاؤله بانتعاش الحركة السياحية بعد المحطة الأولى في خريطة المستقبل وهي الاستفتاء على الدستور وتحسن الوضع الأمني، ويقول متحمساً: «إنني أراهن على ذلك بعد بدء الحراك السياسي خلال انتخابات الرئاسة والانتخابات البرلمانية». ويسعى الوزير إلى قيام شراكة وتشجيع شركات الطيران الخليجية على تنظيم رحلات منتظمة إلى المناطق السياحية في شكل مباشر. ويتطرق بمرارة إلى التدهور الذي شهده القطاع السياحي من حيث تسريح العمالة في قطاع السياحة والفندقة وخفض مرتبات العاملين وتعرض فنادق عدة لضائقة مالية كبيرة. ولكنه يقر بأن الدخل السياحي الذي تعتمد عليه الموازنة المصرية إلى جانب قناة السويس تعرض لهزّة خطيرة حيث إن هذا الدخل خلال عام 2013 وحتى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بلغ 6,6 مليار دولار مقابل 10 مليارات دولار في العام السابق على ذلك (2012). ويقول إن 4 ملايين مصري يعتمدون على العمل السياحي بطريقة مباشرة، وكل منهم يعيل 3 أو 4 أشخاص، ما يعني أن 16 مليون مصري يتأثرون سلباً أو إيجاباً بقطاع السياحة. وهو يسعى إلى إنشاء صندوق بمبلغ 7 مليارات جنيه مصري لمساعدة الشركات السياحية المتعثرة. ويناشد الفنادق الكبيرة في الخليج المساهمة في هذا المجال من خلال صناديق ذات رؤوس أموال، وكذلك مساهمة البنوك وشركات التأمين المصرية في هذا الشأن. وتحدثت «الحياة» أيضاً مع محافظ جنوبسيناء اللواء خالد فودة الذي يوجه هو الآخر نداء إلى السائح الخليجي قائلاً: «إن شرم الشيخ تناديك وهي مدينة آمنة ولم تحدث فيها أي أعمال عنف منذ عام 2005. ونحن نحتاج إلى دعمك السياحة بعد دعم بلادك لنا سياسياً ومالياً، فأنتم أهلنا وأشقاؤنا». ويؤكد المحافظ الذي كان حريصاً على الحديث عن استقرار الأوضاع الأمنية هناك أن الشعب المصري سيصل إلى بر الأمان مع تنفيذه خريطة المستقبل، وبعد 6 أشهر ستكون هناك حكومة جديدة ورئيس للجمهورية وبرلمان منتخب. ويعترف، مثل وزير السياحة، بتأثر السياحة في شرم الشيخ ودهب من جراء انخفاض نسبة الإشغال في فنادق المحافظة. ويقول إن الفنادق الكثيرة عليها ديون كبيرة، ولذلك فهو يسعى من خلال اتصالاته إلى جدولة هذه الديون. ويشير إلى أن أكثر من 30 فندقاً تحاول الآن جاهدة أن تقف على قدميها. وكان من الملحوظ أن نسبة إشغال الفنادق في شرم الشيخ تراوحت بين 30 إلى 50 في المئة فقط خلال فترة أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة هذا العام، على رغم أن هذه الفترة تعتبر في الأعوام العادية بمثابة فترة الذروة للإشغال الفندقي من الدول الأوروبية. ويتطرق المحافظ إلى الإجراءات التي اتخذتها المحافظة لتأمين الأماكن السياحية خلال الفترة الماضية، وكذلك الكنائس ودور العبادة خلال أعياد الميلاد. ويقول إن الوجود الأمني في الشارع قد تم تكثيفه مع رفع درجة الاستعدادات بخاصة بعد العمل الإرهابي الذي شهدته مدينة المنصورة أخيراً. وتساهم القوات المسلحة والجهات الأمنية وأجهزة الاستخبارات في عمليات التأمين المستمرة للمدن الساحلية في المحافظة. ويشير إلى أن شبكة كاميرات المراقبة التلفزيونية ستستكمل في كل المناطق خلال الأسبوعين المقبلين. وبالنسبة إلى خطة تنشيط السياحة في المحافظة الجنوبية، يقول اللواء فودة إنه قد جرى أخيراً تنظيم أول بينالي عالمي في شرم الشيخ شارك فيه 50 فناناً عالمياً قاموا بالرسم في شوارع المدينة. كما أن مؤتمرات عالمية عدة ستعقد هناك، علاوة على الحفلات الغنائية والفولكلورية.