أعلن «صندوق النقد الدولي» أن الفرصة سانحة للاقتصاد المصري الذي بدأ يتعافى بعد أربع سنوات من التباطؤ، لكنه حض أيضاً على توخي الحذر في التخطيط للمشاريع العملاقة تفادياً للأخطار المالية، ودعا إلى مقدار أكبر من المرونة في سياسة أسعار الصرف. وجاء في البيان الختامي الصادر أمس عن بعثة تقويم الاقتصاد المصري، وهي الأولى في ثلاث سنوات، أن السلطات تعي التحديات التي تواجهها مثل عجز الموازنة المتنامي وتدني احتياط النقد الأجنبي لكنها وضعت أهدافاً ملائمة في مواجهة ذلك تشمل تعزيز النمو وخفض الدعم. وورد في البيان «بدأت السلطات فعلاً الإجراءات اللازمة لتحقيق أهدافها، لقد بدأوا في إصلاحات جريئة للدعم والضرائب ويتّبعون سياسة نقدية منضبطة». ومنذ آذار (مارس) 2010، لم تعقد مصر مشاورات «المادة الرابعة» التي يقوّم من خلالها خبراء من صندوق النقد الأوضاع الاقتصادية والمالية للدولة. وكانت مشاورات آذار 2010 تأجلت إلى عام 2011 لكنها لم تعقد بسبب الثورة التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك في شباط (فبراير) من ذلك العام. وتسببت المشاكل السياسية التي أعقبت ذلك في نقص حاد في الاستثمارات الأجنبية وإيرادات السياحة. وشدد الصندوق في تقرير المراجعة على أن إصلاح قطاع الطاقة والقيام باستثمارات كبيرة سيكونان شرطين أساسيين لتخفيف الاختناقات في سلسلة إمدادات الطاقة وزيادة فرص النمو، ف «المشاريع العملاقة تتيح فرصاً للعمل والنمو لكن، يجب توخي الحذر على صعيد التخطيط والمتابعة للحد من الأخطار المالية المحتملة». وأعلنت الحكومة هذه السنة أن معدل البطالة بلغ 13.4 في المئة مقارنة بتسعة في المئة في 2010، وأن 60 في المئة من العاطلين من العمل هم من الشباب. ويتوقع المسؤولون أن ينمو الاقتصاد 3.8 في المئة في السنة المالية التي بدأت في تموز (يوليو)، وهو معدل أقل كثيراً من المطلوب لتوفير فرص عمل كافية لسكان يزيدون بمعدل كبير. وأفاد صندوق النقد بأن مصر «تواجه أخطاراً من التطورات المعاكسة على صعيد الاقتصاد العالمي والأوضاع الأمنية الإقليمية، ولكي تنجح جهود الإصلاح يجب المضي فيها بعزم، والإجراءات التي اتخذتها السلطات فعلاً تُظهر التزامها بالإصلاح، لكن زيادة الاحتياط الأجنبي ووضع خطط طوارئ للموازنة في حالة تحقق الأخطار سيكونان مفيدين لمعالجة الصدمات غير المنظورة». وأشاد التقرير بسرعة تحرك المصرف المركزي على صعيد سعر الفائدة حيث «ساعد في احتواء تداعيات» خفض دعم الطاقة في تموز الماضي وفي متانة النظام المصرفي، «على رغم الجمود الاقتصادي في السنوات الأخيرة». وارتفع معدل التضخم في مصر إلى 11.8 في المئة في تشرين الأول (أكتوبر) لكن التضخم الأساسي الذي لا يشمل أسعار السلع المدعومة أو الشديدة التذبذب تراجع إلى 8.5 في المئة. وعن سعر الصرف الذي شهد تغيرات كبيرة في السنتين الأخيرتين أكد الصندوق «أن من شأن سياسة أكثر مرونة أن تحسن توافر النقد الأجنبي وتعزز القدرة التنافسية وأن تدعم الصادرات والسياحة والاستثمار الأجنبي المباشر». وأضاف: «سيعمل هذا على تعزيز النمو والوظائف ويقلص حاجات التمويل». ويشهد السعر الرسمي للجنيه استقراراً في الفترة الأخيرة لكن السوق الموازية تعاني تقلبات حادة بعد أن أصبحت ملاذاً لكثير من المستوردين والمستثمرين لتوفير العملة الصعبة الضرورية لتسيير أعمالهم. ويأتي تقرير صندوق النقد في وقت تستعد مصر لعقد قمة اقتصادية بمشاركة زعماء ومستثمرين من أنحاء العالم في آذار، لعرض الوضع السياسي والرؤية التنموية للبلد حتى عام 2030. وتتطلع القاهرة من خلال المؤتمر إلى جذب استثمارات عربية وأجنبية بالبلايين من الدولارات لتسريع وتيرة تعافي الاقتصاد.