بدأ التنافس، ثم استمر وزاد إلى أن بلغ مرحلة الاحتدام، نصر يفكر في استعادة أمجاده ولو على حساب الغريم، وهلال متمسك بكبريائه مهما فعل «الجار اللدود». استلطفت الجماهير مطلع الموسم مشهداً يصارع فيه النصر الهلال بعد غياب دام قرابة العقدين بين قطبي الرياض، وباتوا يتبادلون العراك الجماهيري خارج أسوار الملاعب ب«وسوم» و«تغريدات» وصور، فكانت الأسابيع الأولى بمثابة مدرج تستعرض فيه الجماهير مواهبها وتتفنن في الرد على المناوشات من هنا وهناك، حتى بات صوت المشادة بين الفريقين أعلى من كل شيء في المستطيل الأخضر، فالتقدم يسير بأعلى السرعات، وأكبر الإمكانات وبشتى وسائل الدعم. النصر تخطى حاجز ال40 نقطة، والهلال على مشارفها فهو في خواتيم ال30، وأقرب منافس لهما يبتعد عن الوصيف ب12 نقطة، وربما يفسر ذلك مباشرة المعاني الحقيقية لسباق الجارين اللذين يسيران كتفاً بكتف وصولاً إلى الأمتار الأخيرة من دوري عبداللطيف جميل. المنافسة لا تقتصر على عدد النقاط المكتسبة من الجولات ال16 حتى الآن، فعلى بعد 10 مباريات من نهاية المسابقة، يحقق «متصدر الترتيب» أرقاماً كثيرة أيضاً بخلاف صدارته، إذ يمتلك الخط الدفاعي الأكثر صلابة، إذ لم تستقبل شباكه سوى 11 هدفاً خلال المراحل ال16، كما أن «العالمي» يمتلك أفضل ثاني صانع ألعاب في الموسم وصاحب العقد الأغلى يحيى الشهري الذي هيأ لزملائه ثمانية أهداف، أما الهلال فيأتي في مقدم الفرق التي سجلت الأهداف ب40 هدفاً، أما الوصيف فهو بالتأكيد النصر الذي سجل مهاجموه 35 هدفاً. «الزعيم» نجح من خلال استقطاباته في امتلاك الهداف الأول، وهنا يزدوج الخيار لدى الهلاليين بين البرازيلي تياغو نيفيز، وناصر الشمراني اللذين بلغا من الأهداف 12، إذ يقتسمان المقعد الأول لأكثر من هز الشباك في هذا الموسم حتى اليوم. النصر يسجل أرقاماً أخرى قياسية في هذا الموسم، فهو إلى إعداد هذا التقرير لم يخسر على الإطلاق في هذا الموسم بكامله خلال مسابقتي كأس ولي العهد والدوري، ويسجل أعلى نسبة فوز ب13 من 16، يأتي من بعده الهلال الذي حقق 12 فوزاً من أصل 16. بعيداً عما يحدث في أرض الملعب، فإن جماهير الفريقين أبت إلا أن تكون امتداداً لموسم استثنائي بين «قطبي العاصمة»، فأعلى معدل حضور في الموسم يجير لمصلحة عشاق «الأصفر» و«الأزرق»، والأخير حقق أنصاره الرقم الأعلى للمساندة في الملاعب من إجمالي الحضور بين مناصري الأندية ال14 ب182407 مشجعين، يليه النصر ب175770 مشجعاً، كما أن جماهير الأخير سجلت أعلى الأرقام في الحضور خارج الملعب ب100786 مشجعاً، يأتي من بعده الهلال ب54194 مشجعاً، وتأكيداً لتلك الإحصائيات، فإن المباراة الأعلى من جانب الحضور الجماهيري هي «دربي الرياض» إذ بلغ عدد الجماهير 40193. وبالعودة إلى المنافسة في كل شيء فإن النصر أنفق أعلى المبالغ بين الأندية كافة على عقد أحد اللاعبين عندما استقطب يحيى الشهري ب48 مليون ريال، وفي الوصافة الهلال الذي صرف ما يقارب نصف المبلغ عندما تعاقد مع ناصر الشمراني ب25 مليون ريال. تقدمت المنافسات، وسقط الجميع وتعثر من تعثر وأهدر النقاط من أهدر، وبقي النصر والهلال يصارعان بعضهما طمعاً في كرسي الصدارة الذي تمسك النصر فيه كثيراً، ولكن ثمة رغبة جامحة في «المعسكر الأزرق» لاستلام المقعد المحبب سواء أطال زمن العراك أم قصر، ونوايا جادة «صفراء» للعودة إلى منصات التتويج من خلال إنجاز متكامل لا تشوبه شائبة، وبين هذه وتلك فإن الجماهير تعيش أصعب اللحظات وهي تترقب مواقفاً لا تتغير في الأحوال، فالفارق على حاله والانتصارات تتوالى، فعلى ما يبدو أنه لم يعد هنالك مكان لأصحاب القلوب الضعيفة في الجولات المقبلة، فالوقوع قد يكلف صاحبه كرسياً جرت بسببه كل الأحداث.