واصل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) في تونس أمس، المصادقة على فصول الدستور الجديد، فصلاً فصلاً، وسط توافق عام بين كتل الغالبية والمعارضة بخصوص مضامينه. وانتهى النواب من المصادقة على الباب الأول المتعلق بالتوطئة والمبادئ العامة الذي يحتوي على 19 فصلاً، قبل أن يبدأ بالمصادقة على الباب الثاني المتعلق بالحقوق والحريات والذي يحتوي 29 فصلاً. وحصلت خلافات بين الكتل النيابية حول اقتراح تضمين فصل بخصوص «تجريم التكفير» الذي رفضته كتلة حركة «النهضة» الإسلامية (الكتلة الأكبر في المجلس)، وذلك بعد مشادات كلامية بين النائب عن «الجبهة الشعبية» (تحالف اليسار والقوميين) المنجي الرحوي والنائب عن «النهضة» الحبيب اللوز (محسوب على الصقور في الحركة) الذي اتهم زميله بالخروج عن الإسلام. وكان المنجي الرحوي قد حذر من استغلال الإشارة إلى أن «تونس دولة دينها الإسلام» لتضمين الدستور «مضامين إخوانية» بحسب قوله. وعلى رغم أن النائب الحبيب اللوز اعتذر عن تصريحاته ضد النائب الرحوي بعد ضغط من زملائه في «النهضة»، فان رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر عبر عن استنكاره لتصريحات الحبيب اللوز التي وصفها بالمتطرفة، داعياً إلى «تجنب الصراعات الجانبية التي من شأنها أن تعيق المصادقة على الدستور» بحسب قوله، وطالب نواب المعارضة باتخاذ إجراءات عقابية ضد الحبيب اللوز. وحذر النائب اليساري منجي الرحوي في تصريح إلى «الحياة» من وجود «مخطط يقف وراءه متشددون في حركة النهضة يرمي إلى تصفيته جسدياً» بحسب تعبيره، مؤكداً أن النائب اللوز وصفه ب «المعادي للإسلام»، واتخذت وزارة الداخلية إجراءات أمنية مشددة لحراسة النائب الرحوي مباشرة بعد المشادات الكلامية. واعتبر النائب المعارض سمير بالطيب، في تصريح إلى «الحياة»، أن الدستور «يجب أن يتضمن تجريماً للتكفير بخاصة بعد الاتهامات المجانية والمتطرفة التي تكفر كل مخالف في الرأي وتتهمه بالعداء للإسلام». وشددت حركة «النهضة» الإسلامية، في بيان لها أمس، على أن «تصريحات النائب الحبيب اللوز لا تلزم الحركة ولا تعبر عن موقفها بأي شكل من الأشكال»، وعبرت في المقابل عن ارتياحها لتقدم أعمال المجلس التأسيسي والمصادقة على فصول الدستور في جو من التوافق العام، كما جاء في البيان. في السياق ذاته، انطلق المجلس التأسيسي مساء امس، في انتخاب تسعة أعضاء للهيئة العليا المستقلة للانتخابات من أصل 370 مرشحاً، وبحسب عدد من النواب، فإن عملية المصادقة قد تستغرق يومين باعتبار أن هناك جلسة لانتخاب أعضاء الهيئة وجلسة أخرى لانتخاب رئيسها. وفضل نواب المجلس انتخاب أعضاء الهيئة الانتخابية بالتزامن مع المصادقة على الدستور من أجل الانتهاء من المسارات الثلاثة (تشكيل الحكومة والمصادقة على الدستور وهيئة الانتخابات) قبل منتصف الشهر الجاري كما اتفق الفرقاء السياسيون في الحوار الوطني.