للقضاء على المخالفات التي تعد من الأسباب الرئيسة لوقوع الحوادث المرورية لا بد من تطبيق استراتيجية السلامة المرورية تطبيقاً شاملاً. وتقوم الاستراتيجية على هندسة الشوارع والطرقات داخل المدن وخارجها، وكذلك المداخل والمخارج والتقاطعات والجسور وخطوط الخدمة وعدم استخدام مداخلها مخارج أو العكس، وإيقاف سائقي «أبو دعسة» وحركاتهم البهلوانية، مع التوقيت السليم للإشارات لتسمح بتفويج المركبات بانسيابية وفق موقع الإشارة داخل المدينة أو خارجها، مع تحديد السرعات بحسب موقع الطريق وطول المسافة وتركيب العلامات الإرشادية في صورة تناسب تركيب كاميرات «ساهر»، وإلزام السائقين بالمسارات والسرعة المحددة، وعدم انتقال السائق من مسار إلى آخر إلا بالنظام المتبع، والتوقف أمام الإشارة في صفوف المسارات ومنع التوقف خارجها، والحفاظ على المسافة بين السيارات بحسب السرعة، مع إعطاء الإشارة عند الانعطاف لليمين أو اليسار في الوقف المناسب قبل الانعطاف مع تحين بدء الانعطاف بالتوافق مع السائقين في المسارات كافة، مع متابعة وملاحقة مخالفي السرعة والمخالفات الأخرى بالمرور السيار ومع كاميرات المراقبة والأمن السري وتتويج ذلك بالمراقبة بواسطة الهليكوبتر والتصوير بالأشعة تحت الحمراء مع الملاحقة المباشرة في حال تعذر التصوير. علماً بأن معدل الحوادث في السعودية من أعلى المعدلات، والخسائر البشرية والمالية مرتفعة مقارنة مع الدول الأخرى! فكان لا بد من إعادة النظر في مدى تطبيق قواعد المرور الصحيح لنصل إلى أدنى معدل لنزيف الدماء وفقدان الأرواح وهدر الأموال، ولتحقيق نتائج تتوافق مع استراتيجية السلامة المرورية الشاملة والمتمثلة في الآتي: ترسيخ مفهوم الشراكة الوطنية والمسؤولية الاجتماعية في صورة عملية تنفيذية، بمطابقتها بتجارب الآخرين في تطبيق المشاركة الوطنية والمسؤولية الاجتماعية لتحسين ورفع مستوى السلامة المرورية. اختيار واستقطاب المهندسين المحترفين في هندسة الطرق والشوارع وتخطيطها ورسم المسارات وعلامات المخارج والمداخل وخطوط المشاة والتوقف عند الإشارة، وإجبار السائقين على الالتزام بها للانعطاف لليمين أو اليسار، ولوحات تحديد السرعات وأماكن تركيبها في الشكل الصحيح، والخطوط البرتقالية لتحديد «حرم» الطريق بحيث يتم سحب السيارات المتوقفة عليها أو خارجها، أمام المطابخ والمطاعم والمدارس والإدارات والمساجد والمحاكم، وغيرها من الأماكن، مع إيقاع الجزاءات المقننة الرادعة. تضمين المناهج في مراحل التعليم كافة التوعية المرورية لضبط السلوك الشخصي للقيادة الآمنة، مع جعلها من الأنشطة اللاصفية التطبيقية في قيادة السيارات بسيارات كهربائية صغيرة مع نماذج شوارع وإشارات مرور مرسومة على أرضية ساحات وباحات المدارس. إشراك جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة والمؤسسات والهيئات وبطريقة مترابطة لنقل مفهوم السلامة المرورية وتحويله إلى سلوك يتحلى به كل قائد مركبة ومرتاد طريق، وغرس قيم واحترام القوانين وقواعد السلامة المرورية، مع مجازاة المخالفين والمتهاونين والمستهترين في الشكل الرادع. ونظراً لعدم وضوح العلاقة بين الجهات المعنية بالسلامة المرورية، فلا بد من خلق أكبر قدر ممكن من التنسيق والعمل المشترك لحشد جهود الجميع، وعمل الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتفعيل التنسيق والتعاون بينهما، وتنمية إحساس المواطنين والمقيمين بمسؤوليتهم لتعزيز مستوى السلامة المرورية. لا بد من إنشاء مراكز أبحاث (هندسة المرور والنقل) لإجراء أبحاث ودراسات للطرق والتقاطعات، وإشارات المرور وتوقيتها التوقيت السليم، وكاميرات «ساهر» وأماكنها الصحيحة وتحديد السرعات على اللوحات الإرشادية وتركيبها في النقاط الصحيحة وغيرها الكثير. استراتيجية السلامة المرورية تشكل قضية وضرورة وطنية ملحة، فكل ما بذل حتى الآن حيال السلامة المرورية ربما أسهم في الحد قليلاً من تفاقم المشكلة، ولكنه لم ينجح في وقف النزف المؤلم وغير المقبول إطلاقاً، على مستوى المجتمع والدولة ذات الثقل الكبير والقامة العالية، فالممارسات التي نراها على الطرق، وفداحة المخاطر والخسائر وحجم المسؤولية تدفعنا لعمل ما يلزم لإيقاف الأخطار والنزف. [email protected]