الكثير من الرجال يعتد بمفهوم «القوامة» في الإسلام بطريقة خاطئة، وأظنه لا يحفظ ولا يردد سواها في كل موقف يتوجب عليه التعامل بها في شأن المرأة، فبرغم أنها تقتضي في أصلها مبدأ التعاون الودي بين الرجل والمرأة، إلا أنها تؤخذ بطريقة العنف والتسلط والتقييد في تصرفات الكثير من الرجال، بل إن بعضهم يريد أن يفكر بدلاً من المرأة ويقرر في شؤون حياتها نيابة عنها وفق ما يراه مناسباً فقط. في اللغة إذا قلنا «قام على الشيء» يعني هذا «اعتنى به»، وفي كثير من التفسيرات للآية «قام على الأمر أي أحسنه»، فالسوء دائماً في أن البعض يفلس في أسلوبه حينما يحاول الاعتناء بالمرأة، وفي أحيان كثيرة يقسو عليها ويسيء التعامل معها، وبدل أن يكون داعماً وعوناً لها يكون عبئاً وعناء عليها، على رغم أنه أحياناً يحمل في نفسه هذا الدافع الإيجابي تجاهها والحرص والخوف عليها، ولكن تعبيره السلوكي مرفوض، ولا يقبل هو أن يعامل به لمجرد ظنه أنه كرجل يستطيع الحفاظ على نفسه من دون وصاية أحد. إذا تأملنا النص الشرعي وجدنا أن القوامة مربوطة باختلاف القدرات، وليس في هذا تمييز بين الرجل والمرأة، وذلك في قوله تعالى: «بما فضل الله به بعضهم على بعض»، وذهب بعض التفسيرات إلى أن ذلك يعني بما فضل الله به الرجال والنساء على بعض آخر من الرجال والنساء، فليس من العقل أن ترجح قدرات كل الرجال على كل النساء، ولو تم فهم هذا التفسير أو تعقله نسبياً لاستطاع الرجل أن يمنح المرأة حقها من الثقة والقرار في اختيارات حياتها على الأقل. في أحيان كثيرة نطمح إلى صياغة سلوكيات وأفكار إيجابية ومن منطلقات دينية، وإن كان الإنسان ذا مبدأ ديني فسيجد توثيقاً للفضيلة والأخلاق في الدين، فغالب ما نرصده من السلوك السلبي يعكس شكلاً من التدين ولكنه مفرغ من القيم الإنسانية، إضافة إلى أن الكثير من المفاهيم تشربها الناس وانعكست على تعاملاتهم من مبدأ التمسك بالعادة التي قدمت إليهم بصبغة دينية، والتي بنيت لديهم من المنحى الديني، ومن المؤسف أن العادات والتقاليد حلت مكان العقل وشريعة الإسلام، فهي الأكثر التزماً وقداسة، إذ أتت لأفراد المجتمع من حيث عواطفهم، وهذا الذي أنتج لدينا ثقافة تقليدية وجاهلية وهي السائدة، وكل ما نسعى إليه أن نحقق ثقافة تنويرية نستطيع الاهتداء بها وإليها، وبذلك على معشر الرجال أن يحاولوا الترفق بالنساء وإبقاءهن تحت مظلة الحماية والرعاية وليس التضييق والتسلط، فالأخذ بأيديهن يمنحهن الثقة التي يعتد بها الرجل لنفسه، فهذا يخلق في المرأة القدرة على تجاوز الكثير، ويساعدها في النجاح ومواجهة الحياة والاعتماد على نفسها في جميع شؤون حياتها، ما يمكنها أن تكون أكثر فاعلية، كما يفعل الرجل بل وأكثر. [email protected] alshehri_maha@