قدمت 14 ناشطة حقوقية سعودية عريضة إلى عضوات مجلس الشورى تطالبن فيها بمساواة حقوق المرأة بالرجل، في حين أن المرأة السعودية لا يعترف بها كفرد راشد كامل الأهلية، فهي في جميع مناحي حياتها تعامل كقاصر، وتلزم بإيجاد «معرّف» و«ولي أمر» في أي شأن. تضمنت العريضة بحسب ما نشرته «الحياة» أموراً مهمة، يعتبر العمل عليها اعترافاً بحق إنساني، ويجب تعديل الأنظمة للإقرار به، ويأتي ذلك ضمنياً في إقرار حق المرأة بالاعتراف بهويتها وبالتصرف وإدارة حياتها وأطفالها، ويذكر أن أهم ما ورد فيها «تحديد سنّ الرشد وتفعيل البطاقة الشخصية للمرأة، وفرض عقوبات على من لا يعترف بها ويطالب بمعرّف، إلى جانب حق وصاية المرأة على أطفالها كما للرجل حق الوصاية على أطفاله». باعتبار دخول المرأة في الحراك السياسي تقدماً راقياً وحضارياً كنا نترقب التحول الذي كان مرجواً من الدور الذي سينعكس على الأحوال الاجتماعية، وفتح الملفات المعلقة لأعوام والتي لم تنفذ، واستعراض الجديد للمستقبل ومحاولة تفعيله، كنت أظن أن المرأة في المنصب المسؤول هي الأقرب لفهم حاجات بنات جنسها والأكثر شعوراً بما يعانينه من التمييز الاجتماعي، ولكن الأمر المؤلم والمخيب للآمال أنه بعد هذا الانتظار الطويل لإشراكها في المجال السياسي الذي يعتبر دوراً مؤثراً ومهماً لمساندة حق النساء في المجتمع، غير أن تنصيبها في الشورى قد يشكل حلولاً مجدية لتحسين أوضاعها مدنياً وانتشالها من الدونية التي تعيشها، بسبب انتهاك المجتمع الذكوري وتحيز الأنظمة المدنية معاً، فعلى رغم ذلك لم يرد على رسائل البريد الإلكتروني التي تتضمن العريضة سوى عضوة واحدة من المجلس من أصل 30 عضوة، فضلاً عن أن العريضة مقدمة من ناشطات حقوقيات لا يسعين عبثاً، وأنتقد كثيراً أن الجهة الحقوقية لا توضع محط الاهتمام. ليس من الواجب على عضوات الشورى طرح العريضة والتصويت عليها فقط، بل الإلحاح في حل هذه القضايا الشائكة التي تعطل حياة المرأة، لا سيما أنها مقدمة من ناشطات حقوقيات، كالسعي في توجيه العدل والقضاء لتبني حق المرأة في كثير من شؤون حياتها، وإنصافها من تعسف الولي وحفظ حقها كابنة أو زوجة أو مطلقة، حقها في أطفالها والتعريف بهم، تخليصها من التعقيدات الإدارية وبلا وصاية، وغير ذلك فإن كل النساء لا تستطعن أن تذهبن إلى مجالس المسؤولين وتعرضن مشكلتهن، فالكثير منهن يصرخن في الظلام. أخشى أن تتحول عضوات الشورى إلى «شيخات» مزهوات بوجاهة المنصب، ويبحثهن عمن يخدمن، يأتي في قبيل أصول المشيخة، بدلاً من أن يكون هذا المنصب يتحمل عبء الجميع، غير أن ما تعانيه المرأة في هذا المجتمع لا يخفى على عاقل ولا يقر به مبدأ ديني أو أخلاقي ولا مرجعية إنسانية، ولكن أين ضمير المسؤول، إذا كان كل ما نحتاج إليه هو تعديل في النظام، لتحقيق نظام مدني عادل واعتراف بحق إنساني وإقراره بالمساواة، فكيف يمكن لمجتمع أن ينهض ونصفه مشلول؟ [email protected] alshehri_maha@