وفق إحصاءات منظّمَة «يونيسكو»، أنتجت الدول العربية مجتمعة 6500 كتاب في 1991، مقارنة ب102000 كتاب في الولاياتالمتحدة، و42000 كتاب في أميركا اللاتينية. وتكشف أحدث الإحصاءات أن الأوروبي يقرأ 35 كتاباً في السنة، فيما ينال كل 80 عربيّاً كتاباً يتيماً سنويّاً. وخلال متابعة معارض الكُتُب في الدول العربية، يمكن ترتيب الأكثر مبيعاً على الشكل الآتي: الدينية أولاً، ثم الطبخ فالأبراج. وفي الوقت الذي صار فيه تعلّم اللغات الأجنبية وإتقان التعامل مع الحواسيب معياراً جديداً للتعليم، يبلغ عدد أميي الألفبائيّة في العالم العربي 60 مليوناً من أصل 300 مليون عربي، وفق ال «يونيسكو» أيضاً. وأفادت معلومات لبنانيّة في 2009، في تقرير عن الأميّة في العالم العربي، أن ما يُنفق على التعليم الأساسي عربيّاً لا يزيد عن ستة بلايين دولار سنوياً، بينما يخصَّص 1100 بليون دولار سنوياً للإنفاق العسكري، و300 بليون للإعلانات، و500 بليون ينفقها العرب على... التبغ! ماذا عن الطعام؟ هل يجدر البحث عن تخلّف تكنولوجي للإنسان العربي في تجمّد الذهنية الدينيّة لدى البعض وفي النظم الأكاديمية والأنظمة السياسيّة؟ تكفي ملاحظة ندرة مراكز البحوث العلميّة تجاه اكتساح الفتاوى المنفلتة ساحات النقاش العام عربيّاً، لنعرف في أي اتجاه نحن سائرون. لا يعدو التقصير الفاضح في استثمار الطاقة الشمسية المتدفقة فوق المنطقة العربية، كونه أحد أوجه التقصير العربي عن اللحاق بمسيرة العلوم والتكنولوجيا، على رغم الطاقات البشرية والموارد الطبيعية الهائلة عربيّاً. وإذا لم يقنعنا زياد الرحباني في مسرحيته «فيلم أميركي طويل» بوجوب فحص الطعام الذي نتناوله وتتبّع «الإشارات الآتية من الأرض» لمعرفة سبب ما يصيبنا من خيبات اجتماعية وقومية، ينبغي أن نتفحّص فعليّاً ما يغذّي عقول الناشئة العرب من تسطيح لأذهانهم وتشويه لمفاهيمهم حول الحياة والفكر والدين. وقبل ذلك، ينبغي الدخول إلى نظمنا السياسية والتربوية والأكاديمية لرسم سياسات تتوخّى تنمية حب المطالعة، وتشجيع الابتكار والتفكير العلمي، وبناء المراكز العلميّة المنسجمة مع الواقع العالمي لبنى العلم، بل تطوير هذه البنى والمراكز وفق تطوّر مستوى الشباب العربي.