تتقارب المواقف السياسية السعودية والفرنسية تجاه عدد من القضايا الدولية في شكل متواز ومستقل، إذ تتميز هذه المواقف بعدم تبعية طرف لآخر، فباريس التي تنهج منذ عهد عرابها الجنرال شارل ديغول سياسة مستقلة تلتقي مع رؤية الرياض واستراتيجياتها الثابتة تجاه العديد من قضايا العالم في شكل عام والقضايا العربية والإسلامية في شكل خاص. فرنسا التي تكنّ التقدير لقادة المملكة تثق يقيناً في أن السعودية دولة مهمة ومحورية في المنطقة، وتتعاطى معها من هذا المنطلق الذي يرتكز في الأساس على الثقة والصدقية، وهو ما أكده عضو لجنة الصداقة السعودية الفرنسية في مجلس الشورى الدكتور فهد العنزي الذي أوضح في اتصال مع «الحياة» أمس (الجمعة) أن العلاقات بين باريس والرياض تاريخية، بدأت منذ الملك عبدالعزيز، واستمرت على ذات النهج حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكانت مواقف البلدين طوالها متوازنة ومتكاملة، بخاصة في ما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية تحديداً. وأوضح عضو مجلس الشورى أن السياسة الخارجية الفرنسية تهتم بالتقارب وتقوية العلاقات مع الدول العربية، و«نظراً لأن المملكة تعتبر رائدة العمل العربي الآن وتحمل على عاتقها همّ قضاياه، لذلك عمدت الدولتان على التقارب في شكل متواز لخدمة هذه القضايا، وخدمة الأمن والسلم الدوليين». وأشار إلى أن «التعاون بين الرياض وباريس قائم في مجالات عدة تشمل الجانب الأمني والاقتصادي والتعليمي، إذ إن هناك اتفاقات للتعاون الأمني موقعة بين البلدين، كما توجد في المملكة مئات الشركات الفرنسية التي أسهمت في بناء التنمية السعودية في مستوياتها المختلفة، ويوجد في الجامعات الفرنسية العديد من الطلاب السعوديين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي». وقال الدكتور العنزي إن «ذلك يدل على مدى عمق العلاقات بين البلدين، واستمراريتها منذ عهد ديغول ثم فرانسوا ميتران، ونحن نعرف مدى الصداقة الكبيرة التي كانت تجمع جاك شيراك وفرانسوا ميتران مع الملك فهد وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو ما انعكس إيجاباً على كثير من القضايا التي تهم المنطقة والعالم». وأكد أن «الأهداف والغايات التي تسعى كلتا الدولتين إلى تحقيقها متقاربة، ففرنسا دولة مؤثرة وذات ثقل سياسي، ولها مساهمات في حلّ كثير من القضايا العربية، ولعل آخرها ما حدث في مصر، بخاصة بعد التدخل السعودي ولقاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في باريس، وإطلاع الرياض الرئيس الفرنسي على حقيقة الموقف في مصر، ما قاد إلى تغيير الموقف الدولي تجاه مصر، وعدم اتخاذ قرارات من شأنها التأثير سلباً في القاهرة، وهو نموذج للتعاون بين البلدين يعكس مدى الثقة المتبادلة بين كل من الرياض وباريس، والتحرك على قاعدة مشتركة ومستقلة تجاه عدد من القضايا على رأسها قضايا منطقة الشرق الأوسط». وأضاف أن «السعودية وفرنسا تميلان في مواقفهما إلى الحلول التي تؤدي إلى استقرار الدول من دون وجود أهداف، وبالتالي فإن فرنسا شريك استراتيجي وحليف سياسي مهم للمملكة في كثير من القضايا التي تسعى الرياض إلى حلها في شكل يحفظ حقوق الأطراف كافة». وشدد عضو لجنة الصداقة السعودية - الفرنسية في مجلس الشورى على أن «فرنسا شريك يمكن الوثوق به، وليست لديها أجندات خاصة مثل بعض الدول». يذكر أن مصادر رئاسية في فرنسا أعلنت أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند سيصل إلى المملكة غداً (الأحد) في زيارة تستغرق يوماً واحداً، يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبحث العديد من الملفات ومن بينها الأزمة السورية والملف النووي الإيراني.