في وقت قللت جماعة «الإخوان المسلمين» من قرار الحكومة المصرية اعتبارها «تنظيماً إرهابياً» وكشف محاموها أنهم يدرسون الطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري، اتخذت السلطات خطوات تنفيذية متسارعة بناء على القرار، فأخطرت وزارة الخارجية جامعة الدول العربية به، كما صعدت قوات الأمن حملاتها لتوقيف منتمين إلى الجماعة وأوقفت نشر الصحيفة الناطقة باسم حزبها «الحرية والعدالة»، وتوعدت ب «الإعدام» من يقود تظاهرات ل «الإخوان». وقاد وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي محاولات لإزالة مخاوف من تصاعد الهجمات الإرهابية قبيل احتفال الأقباط بعيد الميلاد والاقتراع على الدستور منتصف الشهر المقبل. وتعهد وقوف بلاده «صامدة في مواجهة الإرهاب، وما يحدث لن يهز مصر وشعبها، ولن يخاف الشعب أبداً طالما الجيش المصري موجود». وسعى السيسي خلال كلمة ألقاها في حفل تخريج دفعة جديدة من العسكريين، إلى طمأنة المصريين، قائلاً: «لا تدعوا هذه الأحداث الإرهابية الغاشمة تؤثر فيكم أو في روحكم المعنوية، فنحن على الحق المبين». لكنه توقع «مزيداً من دفع أثمان» رحيل نظام «الإخوان». وأضاف: «أردتم الحرية والاستقرار وهذا لن يأتي بسهولة ولا بد لكم من الثقة في الله وفي أنفسكم وفي جيشكم والشرطة المدنية، وبأننا قادرون على العبور بمصر نحو الاستقرار والأمن والتقدم». وتابع: «لا يوجد قلق أو خوف، فنحن فداؤكم والجيش المصري فداء لمصر والمصريين ومن يمسكم لن نتركه على وجه الأرض. هدفنا البناء والتعمير والرخاء، وليس القتل ولا الترويع ولا إيذاء المصريين». ومضى الحكم في تنفيذ قرار اعتبار «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»، فأخطرت وزارة الخارجية جامعة الدول العربية به لإخطار الدول العربية المنضمة إلى اتفاق مكافحة الإرهاب. وأوضح الناطق باسم الوزارة بدر عبدالعاطي أن «الهدف من التقدم إلى الجامعة العربية هو تمرير قرار الحكومة المصرية إلى الدول العربية». وقال ل «الحياة» إن «الدول العربية الموقعة على اتفاق مكافحة الإرهاب عليها التزامات قانونية وسياسية». وتزامن ذلك مع اجتماع لوزير الداخلية محمد إبراهيم مع أركان وزارته استبقه الناطق باسم الوزارة هاني عبداللطيف بتوعد المشاركين في تظاهرات «الإخوان» بالسجن لمدة خمس سنوات، وقادة التظاهرات بعقوبات قد تصل إلى الإعدام. واعتبر إبراهيم في تصريحات أعقبت الاجتماع أن «ما تشهده البلاد من وقائع إرهابية كشف هوية تلك الجماعات وأغراضها الدنيئة». وتعهد «عدم الاستكانة في مواجهة الجماعات الإرهابية التي تهدف إلى بث الخوف في نفوس المواطنين سعياً إلى تعطيل خريطة الطريق». ووعد بمواصلة العمل لمواجهة تلك الأخطار التي تحيق بالبلاد، موضحاً أن «أجهزة الوزارة استنفرت جهودها للتصدي لتلك الأعمال الإرهابية الغادرة من خلال خطط أمنية تعتمد على نشر دوريات من كلاب كشف المتفجرات واستخدام سيارات وأجهزة كشف المفرقعات في مختلف الشوارع والمحاور والميادين الرئيسة، ونشر خدمات أمنية إضافية لتأمين المنشآت والمحاور المهمة والحيوية بما فيها الأبنية التعليمية من مدارس وجامعات بالتنسيق الكامل مع قواتنا المسلحة». وتوعد ب «الحسم في مواجهة أية تظاهرات مخالفة للقانون يقوم بها أعضاء الجماعة الإرهابية». وكثفت أجهزة الأمن حملات توقيف أعضاء «الإخوان»، فاعتقلت أمس العشرات منهم، ووجهت النيابة إلى 18، بينهم ابن المرشد العام للجماعة محمد بديع، تهمة «الإرهاب»، وأمرت بحبسهم على ذمة التحقيقات. وحظرت السلطات صدور الصحيفة الناطقة بلسان حزب «الحرية والعدالة». وأفاد بيان أمني بأن «إدارة المصنفات الفنية قامت بالتنسيق مع مؤسسة الأهرام الصحافية التي تتولى طباعة صحيفة الحرية والعدالة بالتحفظ على الصحيفة وإيقاف طبعها وتوزيعها، وأخذ التعهد على مشرف أقسام الطباعة بالمؤسسة بعدم طباعة أي أعداد من الجريدة». وخصصت محكمة استئناف القاهرة 6 دوائر من محاكم الجنايات في القاهرة الكبرى (4 دوائر في القاهرة، و2 في الجيزة)، للنظر في القضايا المتعلقة بجرائم الإرهاب وأحداث العنف المنظم ومحاكمة المتهمين بارتكابها، على أن يكون دور الانعقاد لكل دائرة محكمة من الدوائر المحددة لمدة أسبوعين في الشهر الواحد، بدل أسبوع واحد. في المقابل، قلل حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، من القرار. واعتبر في بيان أنه يأتي «على غرار حركات المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل»، فيما كشف ل «الحياة» عضو في الفريق القانوني للجماعة أنها تدرس الطعن على القرار أمام محكمة القضاء الإداري، موضحاً أن اجتماعات تجرى الآن للبحث في الأمر من الناحية القانونية، لا سيما أن «القرار إداري وصدر من دون أي سند قضائي وبالتالي يحق لنا الطعن عليه». ودان «الحرية والعدالة» في بيانه القرار «الباطل» الذي يقضي بتوقيع العقوبات المقررة قانوناً لجريمة الإرهاب على كل من يشترك في نشاط الجماعة أو التنظيم، أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى، وكل من يمول أنشطتها. ودان «تحالف دعم الشرعية» الذي تقوده الجماعة القرار، ودعا إلى مواصلة الاحتجاج. وقال في بيان إن «الانتهاكات تتصاعد ضد المعتقلين المناهضين للانقلاب، والجمعيات الخيرية الإسلامية التي تخدم ما يقرب من 20 مليون مصري تغلق وتصادر أموالها، والفقر والخراب يطارد الجميع، والشرفاء وآخرهم رئيس الوزراء الشرعي هشام قنديل يعتقلون عقاباً على طهارة اليد بينما الفسدة واللصوص تصدر لهم قرارات البراءة وتفتح لهم القنوات». وأضاف مخاطباً أنصاره: «إننا اليوم على أعتاب مرحلة فاصلة من مراحل التصعيد الثوري بعدما أصر الانقلابيون على الإرهاب والعنف... واصلوا حشد الشعب في اتجاه المقاطعة الثورية للوثيقة السوداء الباطلة (الدستور) وتجميع الجهود، وتصعيد المد الثوري بفعاليات ثورية سلمية نوعية ترهق البلطجة وتقهر الإرهاب الانقلابي الذي لا يخدم إلا أميركا والكيان الصهيوني». ودعا إلى «بدء موجة ثورية جديدة بأسبوع ثوري مهيب تحت عنوان أسبوع الغضب. وواصلوا الاستعداد لما هو آت». واعتبرت «الجماعة الإسلامية» المنخرطة في التحالف قرار الحكومة «ظالماً ويفتح الباب واسعاً أمام جماعات العنف». ورأت أن القرار يأتي «على رغم إجماع المجتمع المحلي والإقليمي والدولي على عدم قيام جماعة الإخوان أو ممارستها لأي أنشطة أو أعمال إرهابية، وعلى رغم إعلان جماعة أخرى مسؤوليتها عن واقعة تفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية». وحذرت من أن القرار «يعد قضاء على ما تبقى من فرص حقيقية لحل الأزمة السياسية الطاحنة التي تمر بها البلاد، ويكرس للسياسة الانتقامية والإقصائية ضد التيار الإسلامي وجماعة الإخوان، وسيؤدي إلى مزيد من الانقسام والاستقطاب». ووصفت القرار بأنه يدل على «فشل حكومة الانقلاب وعجزها عن إدارة البلاد وحماية مقدراتها، وأنه أصبح لا خيار لديها لحل الأزمة السياسية إلا الحلول الأمنية والقمعية». وأضافت أن «الإخوان لن يرهبها أو يقضي عليها أو يحد من انتشارها وشعبيتها قرارات إدارية أو حكومية جائرة». وكان لافتاً انضمام «حركة شباب 6 أبريل» إلى جبهة الرافضين للقرار، إذ رأت في بيان أن «الإخوان ليست جماعة إرهابية، بل جزءاً أصيلاً من الشعب المصري... نختلف تماماً مع سياساتهم لكن اعتبارهم جماعة إرهابية هو قرار فاشل لن يؤدي إلى إلا مزيد من العنف والكراهية... الإخوان ومؤيدوهم وأنصارهم ومحبوهم هم جزء من الشعب المصري شئنا أم أبينا».