لم تكن الصحافة الإيرانية بعيدة من الغموض والمعلومات المتضاربة التي تأتي من داخل قصر كوبورغ في فيينا حيث تُجرى المفاوضات بين إيران والدول الست المعنية بملفها النووي. وخصصت وكالات الأنباء الإيرانية صدارة مواقعها الإخبارية، لمتابعة المعلومات الآتية من العاصمة النمسوية لحظة بلحظة، والتي يتابعها الإيرانيون بشغف، بسبب ارتباطها الوثيق بواقعهم الاقتصادي والسياسي. لكن الصحافة أضافت للأمر نكهة سياسية، استناداً إلى توجهاتها ومواقفها من المفاوضات. فحسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة «كيهان» المتشددة، كتب افتتاحية مستبعداً في شكل مطلق إبرام اتفاق مع الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، مبرراً الأمر بأسباب تتعلق بنيات الغرب، الولاياتالمتحدة تحديداً، لتفكيك البرنامج النووي الإيراني. وأضاف ساخراً أن «مَن ينتظر غير ذلك، مثل مَن ينتظر ماءً في سراب»، منبهاً إلى وجوب الامتناع عن ربط الأوضاع الاقتصادية في إيران برفع العقوبات المفروضة عليها ونتيجة المفاوضات، في إشارة إلى تصورات حكومة الرئيس حسن روحاني نتائجَ المحادثات. أما صحيفة «وطن إمروز» الأصولية فوصفت تمديد المفاوضات بأنه «نوع من الاحتيال النووي» لتجميد نشاطات طهران برمتها، معربة عن اعتقادها بأن الغرب يسعى إلى اتفاق لا يتضمن آلية لإلغاء العقوبات، ما اعتبرت أنه «يؤكد احتيال تاريخي» لنتيجة المحادثات. واعتبرت صحيفة «رسالت» الأصولية أن الشعب الإيراني لن ينال أي نتيجة من المفاوضات، إذ «لن تثبت سوى عدم الثقة والاطمئنان إزاء الغرب، تحديداً أميركا». ورأت صحيفة «دنياي اقتصاد» لاعبين يتحرّكون «تحت الطاولة» للتأثير في نتيجة المفاوضات، «في الإقليم وخارجه»، من دون أن تستبعد دوراً إسرائيلياً لعرقلة اتفاق. صحيفة «خراسان» المعتدلة تناولت الجانب الاقتصادي من مفاوضات فيينا، إذ أوردت: «سواء قبلنا أو لم نقبل، فإن النتيجة، أياً تكن، ستؤثر في اقتصادنا». لكنها دعت إلى تقليص تأثير المحادثات والتركيز على تحسين ظروف الإنتاج ودعم «الإبداع» في المفاصل الاقتصادية للبلاد. أما صحيفة «جمهوري إسلامي» المقرّبة من الحكومة فدعت إلى تفعيل النشاط التجاري والصناعي الداخلي، من خلال الدعم الذي تتلقاه الحكومة من الفاعليات الاقتصادية والاجتماعية، بدل انتظار نتيجة المفاوضات. لكن صحيفة «ابتكار» المؤيدة للحكومة ركّزت على أهمية المفاوضات بالنسبة إلى الديبلوماسية الإيرانية، إذ «أثبتت قوة المفاوض الإيراني الذي يواجه أبرز ستة وزراء خارجية في العالم». وأيّدت صحف إصلاحية، مثل «شرق» و «اعتماد» و«إيران» و «آرمان» التي تدعم الحكومة، جهود المفاوض الإيراني لإبرام اتفاق ينهي عقداً من التجاذبات والمواجهات بين طهران والمجتمع الدولي.