لم يصل القارئ العربي إلا القليل من الأدب الليبي الذي كتب بعد الثورة، وهو مثله مثل سائر آداب الثورة يحتاج إلى وقت كي يتبلور. وقد يكون إبراهيم الكوني أول من كتب رواية عن الثورة الليبية هي «فرسان الأحلام القتيلة» ولو أنها لم تكن في حجم انتظار القراء لها، على رغم أسلوبها التعبيري القوي. كان هدف الكوني الاحتفاء بهذه الثورة العظيمة التي أسقطت أسطورة الديكتاتور الليبي. ولعله تمكن من فتح أفق جديد لصنيعه الروائي أولاً ثم للرواية الليبية، كاتباً أول نموذج لرواية «الثورة» الليبية. وأعقبه من ثم الشاعر الليبي فرج العشة في رواية عن ليبيا القذافي، عنوانها «زمن الأخ القائد»، وبدأ يعقب فرج العشة روائيون آخرون معروفون مثل أحمد إبراهيم الفقيه وغير معروفين، ستكون الثورة حافزاً على إطلالتهم. الرواية الليبية تحتاج، مثلما يحتاج الأدب الليبي بعامة، إلى أن يخرجا من الحصار الذي ضربه النظام حولهما، لا سيما بعدما اكتشف الديكتاتور الراحل موهبته السردية، فنصب نفسه أديب الأمة و «أجبر» - بسخائه - نقاداً وكتاباً على امتداح نتاجه القصصي وتبجيل قامته الأدبية. يحتاج الأدب الليبي الذي لا يزال شبه مجهول، أن يخرج إلى المعترك العربي فيقدم نفسه بنفسه ويحتل الموقع الذي يستحقه في الحركة الأدبية العربية. فهو طالما عانى، خلال عقود، حالاً من التهميش والاستبعاد، ولم يحضر سوى بضعة أدباء نالوا رضا النظام أو تمردوا عليه وعاشوا في المنفى. أما الشعراء القلة الذين برزوا فظلت أعمالهم شبه مجهولة ولم تصل إلى النقاد والقراء كما يجب، وكان على قرائهم أن يبحثوا عنها في المجلات والصحف، وفي الإنترنت أخيراً. ولعل الشاعر خالد مطاوع استطاع أن يتخطى حواجز العزلة، بعدما اختار الكتابة بالإنكليزية انطلاقاً من المنفى الأميركي الذي ما زال يعيش فيه. قبل عام أفردت مجلة «بانيبال» التي تعنى بالأدب العربي إنكليزياً، ملفاً عن الأدب الليبي الراهن، وضم أسماء جديدة وشابة، بعضها معروف والآخر شبه مجهول. إنها أسماء قادرة فعلاً على صنع مشهد جديد ومختلف للأدب الليبي حاضراً ومستقبلاً. وستكون الثورة حتماً مادة خصبة لها.