قالت مصادر معنية بتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة إن «الأمور نضجت ولم تعد تحتمل التأجيل»، مؤكدة باللغة الدارجة انها «استوت» ولم يعد مقبولاً التأجيل، مستبعدة أن تتأخر ولادة الحكومة الى شهر شباط (فبراير) من العام الجديد، كما سبق لبعض الأوساط اللبنانية ان توقعت. وأوضحت المصادر ان رئيس الحكومة المكلف تمام سلام يعتبر أن تأخير ولادة الحكومة الى شباط المقبل سيكون بلا فائدة إذ إنه لن يبقى من عمرها سوى نيف وشهرين، خصوصاً أن الحكومة تعتبر مستقيلة عند بداية عهد رئاسي جديد، أي في 25 أيار (مايو) المقبل، تاريخ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان وبالتالي يصبح تأليفها قبل شهرين من انتخابات الرئاسة الأولى نوعاً من «النكاية» فضلاً عن انها مدة قصيرة لا يمكنها إنجاز شيء خلالها، فيما قيام حكومة جديدة هدفه الخروج من حال تصريف الأعمال واتخاذ الحكومة الجديدة القرارات والإجراءات التي حال تصريف الأعمال دون اتخاذها لمعالجة العديد من المشاكل الملحة في ادارة الدولة وشؤون الناس وملء الشواغر الملحة في بعض الإدارات، والرئيس سلام ليس في وارد تأليف حكومة «نكاية». ورجحت المصادر ان يعني القول ان الأمور نضجت، أن ترى الحكومة النور مع بداية العام على أبعد تقدير، لأن الأمور لم تعد تحتمل مزيداً من التأجيل، وبهذا يبقى أمامها 5 أشهر كي تتمكن من العمل ومعالجة المشاكل التي تعذر التصدي لها في فترة تصريف الأعمال، التي طالت منذ استقالة حكومة ميقاتي، ثم تكليف سلام في 6 نيسان (ابريل) الماضي. وذكرت مصادر مواكبة لاتصالات التأليف ان الشهر المقبل يشهد 3 استحقاقات خارجية مهمة على المسؤولين اللبنانيين أخذها في الحسبان في عملية تأليف الحكومة، هي انعقاد مؤتمر المانحين لدعم الدول التي تستضيف النازحين السوريين وتقديم المساعدات لهؤلاء في الكويت في 15 كانون الثاني (يناير) ثم بدء المحاكمة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري في اليوم التالي في 16، ثم انعقاد مؤتمر «جنيف 2» للبحث في الحل السياسي للأزمة السورية. وأشارت المصادر الى انه إذا كان لا بد من ولادة الحكومة قريباً، مع اشتراط دول أوروبية ونصائح دولية بأن تكون هناك حكومة جديدة كي يجري تفعيل المساعدات المالية للبنان لمواجهة عبء النازحين السوريين، فهناك من يرى ان تصدر مراسيمها قبل منتصف الشهر لتتمكن من الحصول على المساعدات المطلوبة. وأوضحت المصادر أن الرئيسين سليمان وسلام، اللذين اجتمعا مساء أول من أمس لتقويم الموقف باتا يشتركان في القناعة بأن الأمور لم تعد تحتمل التأجيل، بعد أن كان الأول استمهل الثاني لإجراء بعض الاتصالات. وعلمت «الحياة» أن سليمان كان أبلغ قيادات رئيسة في قوى 8 آذار قبل 10 أيام بأنه يتجه الى الموافقة على الحكومة التي يراها مناسبة طالما يصعب التوفيق بين مواقف 8 آذار و14 آذار إن في صيغة 9-9-6 أو في صيغة 8-8-8، وهي الصيغة التي يرى أنها الجامعة، مع ما يعنيه ذلك بأنه قد يلجأ الى صيغة الحكومة من غير الحزبيين الأصدقاء للفرقاء، أو الحياديين غير المنتمين لأي فريق ولو بالصداقة. وأوضحت المصادر أن وزير الصحة علي حسن خليل الذي التقى سليمان نقل هذه الأجواء الى رئيس البرلمان نبيه بري، فيما أبدى رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط الذي التقى سليمان السبت في 14 الجاري، خشيته من أن يؤدي تأليف حكومة من الحياديين الى تصعيد في الأزمة وأبلغه انه لن يوافق إلا على حكومة جامعة. وجرت اتصالات مع «حزب الله» لدعوته الى اعادة النظر في اصراره على حكومة الوحدة الوطنية لمصلحة حكومة من الحياديين التي لا تستفز أحداً مع احتمال أن تكون على قاعدة 9-9-6، لكن الأخير صعّد رفضه عبر بيانات وتصريحات لحلفائه حذرت سليمان من الإقدام على الخطوة. كما علمت «الحياة» ان الرئيس بري أبلغ وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور ان الحكومة الحيادية هي حكومة (رئيس كتلة المستقبل رئيس الحكومة السابق فؤاد) السنيورة الذي كان أول من اقترحها وأنها «سابقة غير مقبولة باستثنائنا من التمثيل المباشر، ولن نقبل بها». ما دفع جنبلاط الى التأكيد مجدداً عبر تصريح أبو فاعور أمس أن «التقدمي» لن يغطي أي خطوة أو يشارك فيها تمثل قفزة في المجهول. وينتظر أن يبحث الرئيس سليمان مع رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) محمد رعد الذي يزور القصر الرئاسي اليوم، آخر المستجدات في شأن الحكومة العتيدة. وقالت مصادر معنية بالتأليف رداً على سؤال ل «الحياة» حول ما سيكون عليه الموقف في حال تسبب تأليف حكومة لا ترضى عنها قوى 8 آذار مطلع العام أو قبله بمشكلة جديدة خصوصاً ان رموزاً منها هددوا بعد تسليم الوزارات بالنزول الى الشارع: «ألسنا اليوم في ظل الوضع الحالي، نعيش مشكلة كبرى؟ وهل من مشكلة أكبر من التي نحن فيها الآن حيث البلد في حال اهتراء كاملة بمؤسساته واقتصاده مهدد؟». وتنقل المصادر عن سلام اقتناعه بأن الخروج من الفراغ الحكومي يشكل عاملاً دافعاً لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وتجنب الفراغ، بينما يسهّل الإبقاء على الوضع الحالي، حصول الفراغ الرئاسي. لذلك، فإن الإصرار على انتخاب رئيس يجب أن يبدأ بتشكيل الحكومة. على صعيد آخر تعقد قوى 14 آذار والشخصيات التي شاركت في المؤتمر الوطني للتضامن مع طرابلس، اجتماعاً قبل ظهر اليوم من أجل تفعيل قرارات المؤتمر الذي انعقد في عاصمة الشمال قبل 8 أيام بهدف البحث في المشاريع الانمائية التي أقرت للمدينة، ما نفذ منها وما لم ينفذ ولتشكيل لجنة متابعة من أجل ملاحقة هذه المشاريع وأسباب تأخر تنفيذها. ويتوقع ان يعقد اجتماع ثانٍ آخر الأسبوع من أجل تشكيل لجنة متابعة سياسية لاستكمال تنفيذ القرارات التي اتخذت من أجل تحقيق المصالحة في المدينة ودعم الخطة الأمنية فيها وتثبيت الهدوء.